وأطنب ، (٤٠ ب) وأطال وأسهب ، لا يدرك معشار المعشار من أوصافه ، ولا يجمع بعض البعض من سنيّ ألطافه ، صاحب التحصيل للكمالات السنية ، والحائز للمفاخر السنية السمية ، نور عيني وجلاها ، وحياة روحي ومناها ، كريم الأصلين ، ولدي أبي المحاسن حسين ، لا زال السعد يقدمه ، والإقبال يخدمه ، آمين. أيّها الولد! علم الله وكفى به عليما : إني على الدعاء لم أزل مقيما ، لم أنس تلك الطلعة الزاهرة ، ولم أسل هاتيك الأوقات الناضرة ، قد قرّح الدمع أجفاني ، وأحرق القلب أشجاني ، أتذكر تلك الليالي فتهيج زفراتي ، وتضطرم لوعاتي ، وكلما خيّلت ربعكم المعمور بالمسرات ، وبادرتني العبرات والحسرات :
لم أنس معهدنا والأنس مجتمع |
|
والعيش غض وربع الأنس معطار |
فها أنا بعد بعد عنه في قلق |
|
وقد نبت بي أرجاء وأقطار |
تمضي الليالي وأشواقي مجددة |
|
وما انقضت لي من الأحباب أوطار |
(١٤١ أ) ـ أسأل الله ـ وعليه المعوّل ـ أن يجمعنا قبل انخرام الأجل ، أيها الولد!
دخلنا تكريت يوم الاثنين السادس من شهر ربيع الثاني ، ولما وقع مني عليها النظر ، زادت وساوسي والفكر ، وقلت بديها ، وأنا فيها (١) :
قد أضرم الوجد في الاحشاء كبريتا |
|
لما حللت مغاني القوم تكريتا |
وكلّما شاهدت عيناي مرتعا |
|
توهمته من الأكدار سبريتا (٢) |
بعدت عن أهل ودي والجوى جلل |
|
أدير شوقا إلى مغناهم ليتا |
جمعت جمع فنون الوجد في كبر |
|
حتى دعيت خبيرا فيه خريتا (٣) |
كوى فؤادي النوى والعين ساجمة |
|
حكيت في لوعتي الحرّى مقاليتا (٤) |
__________________
(١) ديوان عبد الله السويدي ص ٤١
(٢) السبريت : القفر الذي لا نبات فيه.
(٣) الخريت : الدليل الحاذق.
(٤) الماء الغامر.