زوذ ، فقال لأصحابه ما يقول؟ قالوا يقول : عجّل ؛ فقال ألا يقول : حيّ هلك؟ وعلى حيّ هلك تخرج أحجية بديعة. ويظمك أصله : إمّا يزمك ، أو يضمك وما قبل الضمير المنصوب مضموم ، وهذا من بعض آثار محاسن العربية القديمة في هذه البلاد ، والباء من المحبة مفتوحة فتحة مشبعة ، وكذا هي في كل مكان به علامة التأنيث نحو طيبة وكبيرة ، وهي أيضا من تلك الآثار ، وأحسن من الإمالة ، فأمّا تيعي فقد خبط فيها بصراؤهم خبط عشواء وذلك لأنّهم يدخلون بين المضاف والمضاف إليه لفظة تا فيقولون مثلا : الدار تا الطبيب. فمنهم من زعم أنّها من الطليانية فإنّ المضاف فيها يفصل عن المضاف إليه بلفظة دي ، ومنهم من زعم أنّها من السريانية فإنها فيها كذلك ، ثم إذا أضافوا تا إلى الضمير برزت معه العين فيقولون تاعنا ؛ فلهذا لم يدركوا أصلها ، والصحيح أنّها محرّفة من متاع فإن أهل المغرب يدخلونها كثيرا في الإضافة ويبتدئون بالميم ساكنة على عادتهم من الابتداء بالساكن ، وتقصير اللفظ ، وربّما قالوا نتاع بالنون ساكنة أيضا.
فأمّا العين فإن المالطيين لا يكادون ينطقون بها إذا وقعت آخر الكلمة فيقولون : تلا وقلا في طلع وقلع كما ذكرنا آنفا ، ويحذفونها أيضا فيما إذا اتصل به ضمير فيقولون طليت وقليت جريا على حذفها بغير اتصال الضمير ، وقلب العين ألفا أو همزة من أساليب العرب كما في تفصى وتفصع ، وأقنى وأقنع ، والشما والشمع ، وتكأكأ وتكعكع ، وزقاء الديك وزقاعه ، وزأزأ وزعزع أي حرك ، وبدأ وبدع ، وامرأة خبأة وخبعة ، أي تختبئ تارة وتبدو أخرى ، والخباء والخباع ، والخبء والخبع ، ونظائر ذلك كثيرة حتى قلبوها أيضا متوسّطة كما في تأرّض وتعرض ، ودأم الحائط ودعمه. فأمّا تليين الهمزة ألفا فأشهر من البينة عليه.
وممّن حرّف أيضا لفظة متاع أهل مصر فقلبوا الميم باء ، وهي لغة لبعض العرب كما في درّة الغواص ، فيقولون : با اسمك في ما اسمك. واعلم أن فصل المضاف عن المضاف إليه بأداة أسلوب حسن يفيد التنصيص ، وذلك ما إذا كان المضاف منعوتا بنعت صالح لأن يعود على المضاف إليه أيضا ، كما في «عذاب الله العظيم» ، بخلاف ما لو كان بينهما فاصل ، والأرجح رجوعه إلى المضاف كما في المغني.
ومن نظم المالطيين أيضا ، وهو معنى حسن ، ولكنّه مكسوّ قبيح اللفظ والسبك :