أحمد فارس الشدياق ١٨٠٤ ـ ١٨٨٧ م «هو أحد أقطاب الأدب العربي العظام ، نشأ في لبنان ، وشبّ في مصر ومالطة ، واكتهل في باريس ولندن وتونس ، وشيّخ في القسطنطينية ، فمات ابن ثلاث وثمانين ، ما أحوجته الثمانون إلى ترجمان ، ولم تأخذ من ذلك الرأس شيئا ، فبقي عوده غضّا ، ونفسه خضراء كما شهد بذلك جرجي زيدان».
بهذه العبارة الموجزة لخّص مارون عبّود ترجمة الشدياق (١) ، الذي حمله الاضطهاد الديني على الخروج من وطنه شابّا غضّ الإهاب ، ليعود إليه في صندوق مقفل بعد أن نيّف على الثمانين ، وترك في الدنيا دوّيا ولا دويّ المتنبّي!
ينتسب فارس بن يوسف بن منصور بن جعفر إلى سلالة المقدّم رعدا بن المقدم خاطر الحصروني الماروني الذي تولّى جبّة بشرّي (لبنان) في أوائل القرن التاسع عشر. فهو ينتمي إلى أسرة خاضت غمار السياسة في الدنيا والدين ، واكتوت بنارها ؛ فمات أبوه وجدّه وأخوه دفاعا عن حرّية الرأي ، فليس غريبا أن ينشأ الولد على ما كان آباؤه.
__________________
(١) انظر مارون عبود / مجلة الكتاب / السنة الأولى / الجزء العاشر / المجلد الثاني / أغسطس ١٩٤٦ م