عاقبة ، وكالباقية كقوله تعالى : (فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ)(١٠٨) أي بقاء ، وكالكاذبة كقوله تعالى : (لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ)(١٠٩) أي كذب. وأهل الشام يقولون : يطلع بالطالع ، وينزل بالنازل. ومن ذلك وزن فعل بالضم نحو سدد وصرر وهو نادر ، والأسماء الثلاثة التي أوائلها ضمّة يتبعونها ضمة أخرى نحو عمر وشغل وهو أيضا جار على القياس. وكذلك التي أوائلها كسرة نيتبعونها كسرة أخرى نحو عجل ورجل.
من قبيح عادتهم في الكلام
ومن قبيح عادتهم في الكلام هم وسائر الإفرنج توجيه ما يسوء من القول للمخاطب بدون محاشاة ، فيقولون مثلا : إنّي أحبك ما دمت حيّا ، وهذا الحرّ يقتلك ، وهذا النبات يقطع لك مصارنك أي مصارينك ، وهذا التراب يعميك ، وإذا مت جاء الطبيب وشرّح جسمك عضوا عضوا ، أو يقول لك العائد لا تله عن دائك فإنه قتّال ، وغير ذلك ممّا يقتضي فيه الإطلاق ألا ترى ما قاله سيد الفصحاء والبلغاء حبك الشيء يعمي ويصم ، ولم يقل يعميك ويصمك وإن يكن المعنى عليه.
فأمّا إمالة صوتهم عند الكلام ، هي التي تسمّيها الإفرنج امفازس ، فغريبة على من لم يتعود سماعها فإنّ لهم مدّا في الصوت ، وخفضا غير مألوف لأهل العربية حتى إن الإنكليز المولودين بمالطة يجرون هذه الإمالة في لغة أنفسهم انعداء من المالطيين ، وقد يعدّ هذا النوع عند الإفرنج من لوازم الفصاحة ولكن ليس كالذي يجريه المالطيون فإنّهم فيه مشطّون ، وهو يكاد أن يكون في العربية مفقود الاسم والمسمّى أو لعلّه هو اللهجة ، وقد لا حظت في أثناء قراءة المشايخ أنّهم كانوا يمدّون صوتهم عند التباس المعنى ترويا فيما يستقبلونه ، فكان هذا المدّ ضرب منه.
وممّا يضحك أيضا أن للمالطيين لازمة في الكلام يكرّرونها وهي سميتش محرّفة
__________________
(١٠٨) الآية ٨ من سورة الحاقة. (م).
(١٠٩) الآية ٢ من سورة الواقعة. (م).