عن سمعت فعلا ماضيا والشين لازمة بعد الاستفهام كما هي بعد النفي ، ولمّا كان الإنكليز يسمعونها منهم مرارا أطلقوها علما على من يجهلون اسمه عند النداء ، وعلى الولدان الذينيخدمون الطعام.
قوة العربية وتمكنها
ثم إن بقاء اللغة العربية في جزيرة مالطة ولو محرّفة مع عدم تقييدها في الكتب دليل على ما لها من القوة والتمكن فيمن تصل إليه من الأجيال ، ألا ترى أن مالطة قد تعاقبت عليها دول متعدّدة ودّوا لو يحملون أهلها على التكلّم بلغاتهم فلم يتهيأ لهم ، وبقوا محافظين على ما عندهم منهم خلفا بعد خلف ، وهؤلاء الإنكليز يزعمون أن لغتهم ستكون أعم اللغات جميعا وأشهرها ، وما تهيأ لهم أن يعمّموها عند المالطيين ؛ نعم إن الخاصّة منهم يتعلّمونها ولكن ليسوا عليها بمطبوعين ؛ فإن محاوراتهم بين أهليهم إنّما هي بالمالطية لا غير ، وليس الطبع كالتطبّع ، ولا الكحل كالتكحّل.
ويقال : إنّ الذي تحصّل عند أهل مالطة من العربية ممّا هو مأنوس الاستعمال وغير مأنوسه يبلغ عشرة آلاف كلمة ، مع أن الذي جمع ذلك جرى على طريقة الإفرنج من أنّهم يقيدون في كتب اللغة جميع الألفاظ المشتقّة كاسم الفاعل والمفعول والآلة والاسم المنسوب ، وإلا لكان هذا القدر كافيا في المحاورات للإفصاح عمّا في الخاطر ، فأمّا في الكتب فلا ، ولا أحسب الكلام المستعمل الآن في برّ مصر والشام يزيد على هذا القدر ، غير أن أهل الشام فيما أظن أكثر مواد من أهل مصر كما أن هؤلاء أحسن منهم نسق عبارة والله أعلم.
تمّ الجزء الأول
المسمّى بالواسطة إلى معرفة مالطة