بين الأجم ، والسبب في تكثيرها احتياجهم إلى الوقود بخلاف بلاد الإنكليز فإن أكثرها سهول ومروج وحقول لاستغنائهم عن الحطب بفحم الحجر ، وفي فرنسا الجنوبية تنبت جميع الأشجار المعروفة عندنا ، وذلك كالتين والبردقان والعنب والزيتون والليمون ممّا هو معدوم في بلاد الإنكليز ، غير أن كروم العنب عندهم لا تبلغ في النمو والكبر كروم الشام. وفي مسافة الطريق دخل الرتل في قبوة مظلمة منقورة في الصخور فسار فيها نحو عشر دقائق فكان أمرا عظيما لمن لم ير مثله من قبل.
مدينة ليون
ثم بلغنا مدينة ليون بعد سفر نحو أربع ساعات لم يغب فيها عن أبصارنا ذلك المنظر الأنيق ، وهذه المدينة وسخة الطرق غير أنها حسنة الموقع ، وحوانيتها واسعة عظيمة ، وفيها معامل لثياب الحرير والقماش ، وحريرها مشهور. فأمّا الشريط ونحوه فإنه يصنع في صنت اتيان ، ولها مماش حسنة ، وملهى عظيم ، ومكاتب عديدة ، ومدرسة ملوكية ، ومحكمة جليلة هي من فاخر البناء ، ومكتبة موقوفة ، ومتحف ، وبستان للنباتات ، وعدد أهلها (٠٠٠ ، ٣٣٠) وفيها يجتاز نهران أحدهما يقال له : رون والثاني صون تسير فيهما بواخر مشحونة بالبضائع والميرة تمر على جملة مدن من بلاد فرنسا ، ثم يلتقيان ويصيران نهرا واحدا ممتدا إلى بحر مرسيلية ، ولا تكاد تمضي سنة من دون أن تزخر شواطئه على الأرضين ، وقد طغى في هذه السنة حتى كانت الناس تسير في شوارع المدينة في قوارب ، فهدم كثيرا من البيوت والجسور ؛ وأهلك كثيرا من الماشية والناس وأتلف الغلال فيما جاوره ؛ فانتخى سائر سكان فرنسا إلى إمدادهم وإغاثتهم ، واقتدى بهم الإنكليز أيضا. وعلى هذا النهر جسور من حديد وحجر وعدّة مغاسل للنساء.
في الطريق إلى باريس
ثم سافرنا منها في الساعة الرابعة من يوم الثلاثاء في حافلة المجدّ المعروف