بالدليجانس (١١٤) فبلغنا برجا في الساعة السادسة من اليوم الثاني ، ومنها سافرنا في سكة الحديد إلى باريس فوصلنا اليها في الساعة الرابعة من صباح الخميس ، وسيأتي وصف هذه المدينة بعد فراغي من وصف إنكلترة إن شاء الله ، وإنما أقول هنا إنّا لما وصلنا إليها كانت السياسة جمهورية إذ كانوا قد خلعوا الملك لويس فيليب عنا لملك ففرّ بنفسه وأهله إلى بلاد الإنكليز ملجأ الفارّين ، ومأمن القارّين ، ومهما حصل فيها وقتئذ من الشغب وسفك الدماء فلم يكد الإنسان يتميّز المفجوع من أهلها من المغبوط ؛ فإن منتزهاتها لم تزل حافلة بالناس. ثم بعد أن لبثنا يومين في باريس سافرنا في سكة الحديد إلى كالي أو كالس وذلك في الساعة الثانية بعد الظهر من يوم الأربعاء الواقع في السابع والعشرين من أيلول ؛ فبلغناها في الساعة السابعة مساء.
كالي
وكالي هذه إحدى فرض فرنسا المقابلة لإنكلترة ، وهي دون بولون ، وكانت سابقا تحت استيلاء الإنكليز أيام حروبهم مع الفرنسيس ، وبقيت في أيديهم مائتين وثلاث عشرة سنة ، ثم استرجعها الفرنسيس في عصر الملكة ماري سنة ١٥٥٨ ، فلمّا بلغها الخبر أظهرت الحزن الشديد ما قيل إنه كان سبب موتها وقالت : أموت وفي قلبي اسم كالي مكتوبا. فكانت كالي عندها أخت حتّيعند الفراء. بقيت نورماندي وانجو ومين وطورين وبواتو وبريتاني وغيرها بيد الإنكليز نحو سنة ٢٩٢.
في الطريق إلى لندرة
وأوفق لنا أن باخرة معدّة للسفر إلى لندرة فركبنا فيها وسارت ماخرة بنا ، وأول ما دخلت في نهر التامس انحجبت عنّا الشمس واكتسى الجو سحابا ، وكان يوما ماطرا مظلما يقضي بالأسف على شمس مالطة ، وهذا النهر يختلط بالبحر الملح وتسير فيه
__________________
(١١٤) الدليجانس : مركبة عمومية فرنسية تجرها الخيول. (م).