وحليّهم ، ومراقدهم ، ومجالسهم ، إلى غير ذلك من شؤون حياتهم المختلفة.
ثم يفرد فصلا خاصّا لحكومة الإنكليز في مالطة ، ويصفها بالتساهل واللين مع أهل الجزيرة ، فالحكم فيها مالطي ، وإن يكن الحاكم إنكليزيا. لن معظم موظّفي الدولة من أهل الجزيرة ، وليسوا من الإنكليز. ثمّ يتطرّق إلى الحديث عن سنن الإنكليز وشرائعهم ، وأخلاقهم ، ويصف نساءهم بأنّهنّ «مخالفات لمن في بلادهنّ فهنّ بمعزل عن الحسن والجمال ، وأكثرهنّ فقم وشوه (٤) ، ولا فضيلة لهن إلا في كونهنّ يحسنّ القراءة والكتابة ، ويؤسسن العلم في أولادهن على صغر».
وبعد أن ينهي حديثه عن الإنكليز يعود للحديث عن موسيقى المالطيين وغنائهم ، ثم يوازن بين موسيقى العرب وموسيقى الإفرنج مبيّنا وجوه الاتفاق والاختلاف. أمّا أهل مالطة «فإنّهم في الغناء مذبذبون كما في غيره ، فلاهم كالإفرنج ، ولا كالعرب ، فأهل القرى ليس لهم إلا أغاني قليلة ، وإذا غنّوا مطّوا أصواتهم أصواتهم مطّا فاحشا تنفر منه المسامع».(٥)
أما لغة المالطيين ، فهي في رأيه عربية فاسدة ، تخللتها ألفاظ أعجمية ، وربّما بقي في هذه اللغة ألفاظ أفصح من نظائرها في مصر والشام! ومّا بقي عندهم من فصيح العربية : دار نادية ، وحقها نديّة ، وهي أفصح من قول أهل مصر والشام ناطية ، وقابلة : أي داية. وخطر ومخاطرة ، أي رهان ، وغرفة ، أي عليّة ... إلخ.
والشدياق في كل ما يصف دقيق الملاحظة ، يتتبع التفاصل الصغيرة ، والجزئيّات ؛ فيصفها أدق وصف ، مع قدرة فائقة على التحليل والنفاذ إلى أعماق الظواهر والمشاهد التي يطالعها هنا أو هناك.
أما الجزء الثاني من هذا الكتاب ، فهو من أهم وأخطر ما كتب عن تمدّن أوربا في منتصف القرن التاسع عشر ، إذا استطاع مؤلّفه أن يلمّ بجوانب الحياة كافّة في كلّ من إنكلترة وفرنسا إلمام المعاين والباحث ، فقد تحدّث عن عادات الإنكليز ، وتقاليدهم ،
__________________
(٤) فقم : جمع فقماء وهي المرأة إذا طال أحد فكيها ، وقصر الآخر ، وشوه جمع شوهاء وهي المرأة القبيحة.
(٥) انظر الفصل الخاص بغناء المالطيين ص ٥٠ وما بعدها.