وفي سنة ٥٨٧ أحرقها النورمان ، ثم بنيت وقسّمت المدينة إلى أربعة أقسام ، ومن ثمّ يقال لكل جهة منها «كارتيه». وفي زمن لويس السمين كان الإيراد من الباب الشمالي اثني عشر فرنكا لا غير ، وهي تبلغ بحسابنا الآن ستمائة فرنك. وفي القرن الرابع عشر أنشئ فيها مدارس للعلم.
وفي عهد فيليب أغوسط كثرت فيها الأبنية ، والمغاني ، والكنائس ، وبلّط بعض الطرق ، وألزم الأهلين تحصينها. وفي سنة ١٢٥٠ أنشأ فيها روبرت صوربون مدارس لم تزل تعرف باسمه ، وفي زمن شارلس المعتوه دخلها الإنكليز ثم طردوا منها بعد أن أقاموا فيها ست عشرة سنة ، وذلك سنة ١٤٣٦. وفي عهد شارلس السابع خربت من القحط والوباء والذئاب ، حتى إنها صارت في سنة ١٤٦٦ مأوى لأصحاب الجرائر والنقائص من جميع الأقطار. وفي عهد لويس الحادي عشر بلغ عدد أهلها ثلاثمائة ألف ، واكتسبت رونقا وعمرانا ، فهدم اللوفر القديم وأنشأه منشأ حسنا ، وأنشأ مدرسة يعلّم فيها كل نوع من العلوم مجانا. وفي سنة ١٥٣٣ شرع في بناء هوتل دوفيل ، وحسّنت طرق ، وأنشئت أخرى ، وفي سنة ١٥٦٣ أنشئ التولري. ثم لمّا قامت الحروب الدينية على ساق تعطلت أسباب التمدن ، إلى أن قام بأعباء الملك والسياسة هنري الرابع ، فأصلح ذات البين ، ومد على الناس ظل السّلم والرفاهية ، وزاد في تبهيج المدينة غاية ما أمكن ، وأنشأ جملة محال ، وكبّر التولري (٢٧١).
وفي زمن لويس الثالث عشر أنشئت طرق عديدة ، وأنشئ قصر اللوكزمبور ، وبستان النباتات ، وغير ذلك. ثم لمّا قام لويس الرابع عشر أتمّ ما كان قصده خلفه هنري الرابع ، فأنشأ أكثر من ثمانين طريقا ، وحسّن القديمة ، وأنشأ ساحة فندوم ٣٣ كنيسة ، ومارستان السّقط (٢٧٢) ، ومارستان النغول ، والمرصد ، وكبّر قصر التولري ، ونظّمت المماشي وبلّط كثير من الرصف ، وغرست غيضة شانزلزي. وكذلك لويس الخامس عشر لم يأل جهدا في أن أفادها نضرة الملك ، حتى وسّعت رقعتها في زمانه ٩١٩. ٣ فدانا ، وأنشأ مدارس وعيونا جارية. وفي أيام لويس السادس عشر أنشئت فيها
__________________
(٢٧١) أي سرايا التلوري. وكانت كما هي الآن ، مقرا للحكم.
(٢٧٢) السّقط : أوباش الناس وأسافلهم (م)