النساء بإحراق أنفسهن بعد موت بعولتهن ، والعجب أن هؤلاء الناس الذين لا يستحلون دم الإنسان أو البهيمة ، يرون أن أبرّ المناسك هو إحراق نسائهم ، ولكن هذا شأن الوساوس والأضاليل أبدا تأتي بأفعال متناقضة. ومن زعمهم أنهم يقولون إن برهام هو ابن الله نزل إلى الأرض ، واتّخذ أزواجا كثيرة ، فلمّا مات تطوعت أحب أزواجه له إلى أن تحرق نفسها رجاء أن تلحقه في نعيم السماء ، ومذ ذلك الوقت سرت هذه العادة السمجة ، ولكن ليت شعري كيف يتأتى للنساء أن يعرفن بعولتهن وقد صار بعضهم خيلا ، وبعضهم فيلة ، وبعضهم بوما؟ وكيف يمكن لهنّ أن يميزن الحيوان الذي دخل فيها روح الميت؟ غير أن هذا الإشكال لا يعسر على هؤلاء الكهّان ، فإن التناسخ عندهم إنما يكون للعامّة فقط ، فأما أرواح الخاصّة فمن حيث أنها كانت من جملة الملائكة الذين مردوا ، فلا بد من أنها تسعى في التنقي والتطهر ، وكذا أرواح النساء اللائي أحرقن أنفسهنّ تنعم بالنعيم السماوي ، حتى يجدن بعولتهنّ على حال الطهارة والغبطة. وهذا المذهب القبيح قد عرف عندهم منذ أربعة آلاف سنة مع كونهم قوما ودعاء لا يتجرأون على قتل الجرادة ، ولكن لا يمكنهم أن يجبروا الأرملة على الإحتراق لأن سر الشريعة إنما هو أن تتقدم المرأة إلى ذلك عن طيب نفس ، والتي تكون أقدم عند زوجها لها أن تأبى الإحتراق ، وكذا التي بعدها إلى الأخيرة. ويحكى أن سبع عشرة امرأة دخلن النار مرة بعد موت رجل واحد ، وكان من الرجاة ، ثم من بعد استيلاء المسلمين على بعض بلادهم قلّ استعمال هذه العادة ، ثم قلّت أيضا بمخالطة الإفرنج لهم ، إلّا أن هذا المنظر السيء المحزن قلّ أن فات واحدا من حكام مدراس وبنديكري ، فقد قال مستر هلول إن أرملة لم يزد سنّها على تسع عشرة سنة أحرقت نفسها بمرأى من زوجة الأميرال رسل ، وكانت بديعة في الحسن ولها ثلاثة أولاد ، ولم تلن لدموع الباكين عليها ولم تقبل طلبتهم ، فأقسمت عليها الست المذكورة لتعدلنّ عمّا نوته شفقة على أولادها ، فما كان منها إلّا أن قالت : إن الله الذي خلقهم لا يتركهم. ثم شرعت في تنضيد الحطب بيديها ، فلمّا احتدمت دخلت فيها حتى احترقت وهي صابرة متجلّدة. ورأى أحد الإنكليز مرة أخرى فتاة حسناء سائرة إلى النار ، فلما كادت تضرمها اجتذبها قسرا وساعده على ذلك بعض أصحابه ، ثم سار بها إلى منزله وتزوجها ، فكان ذلك عند الهنود بمنزلة