وهم وقوف ، فكأنما هم جماعة يهود يأكلون خروف الفصح.
المقاهي وروادها
فأما محال القهوة فأكثرها مجتمع الأراذل ، فترى فيها واحدا راقدا وآخر سكران ، وآخر وسخا. وإذا طلبت فنجان قهوة خلطوا القهوة بالحليب والسكر في محل لا تراه ، وقدموه لك هكذا ، فلا تدري ما وضع فيه.
ملاحظات ومآخذ
فيا ألفي ألف ، ونصف ألف ألف من الناس ، متى تعيشون في هذه الدنيا الصغيرة عيشة مائتين ونصف مئة ، من سكان القرى في فرنسا وإيطالية والشام وبرّ مصر؟ بأن تأكلوا خبزكم غير مخلوط بالبطاطس والشب وجبس باريس ، ولحمكم طريئا سليما لا من حيوان أصابه داء فذبح ، ولا مما يرد إليكم من أمريكا موضوعا في الثلج ، ولا مما خمّ وأنتن فتحشون به المصارين والحوايا؟ فلعمر الله إن كان هذا الغش نتيجة التمدن والترقي في العلوم فللجهل خير ، فإن أهل بلادنا والحمد لله على جهلهم ما يعرفون شيئا من هذه الفنون الكيمياوية ، والأخلاط غير المتناهية التي توجب على الشاري أن يستصحب معه مرآة من المرايا المكبرة ليرى بها تلك الأجزاء والمركّبات فيما يؤكل ويشرب في وطنكم هذا السعيد ، أو ما كفى أن هواكم مخلوط بالدخان؟ وشتاءكم يدوم ثمانية أشهر تقضى بالإصطلاء على نار الفحم الحجري؟ وما أدراك ما الفحم الحجري ، وبخوض الوحول واستنشاق الضباب ، حتى زدتم على هذا البلاء الطبيعي بلاء صناعيا تعافه الحيوانات ، فإن الكلاب والسنانير تأبى أكل هذه الجباجب (٣٥٢) التي تحشونها بلحومهن.
ثم أقول أو لم يكف أن نسّاجيكم وخيّاطيكم وأساكفتكم وصاغتكم وصباغيكم
__________________
(٣٥٢) الجباجب : جمع جبجبة ، وهي الكرش يجعل فيها اللحم المقطع يغلي ثم يقدّد (م)