وسائر أهل الصنائع منكم ، يغشّون ويموّهون ويلبّسون ويشبّهون ويضلّون ويغوون ، فما يدرى الحرير عندكم من القطن ، ولا الجديد من القديم المصبوغ ، ولا المخيط من الملصق!؟ وأن المومسات يتطاولن على الرجال ويشممنهم المسبت ثم يسرقنهم.
المسبت (الكلوروفورم)
والمراد بالمسبت هنا الدواء الذي يقال له كلوروفورم أو أثير. قيل إن خاصيته كانت معروفة عند الكيماويين الأقدمين وذلك من سنة ١٦٨١ ، وأول من عثر عليه في التاريخ المذكور كنكل. وأول من عرف خاصيته في الإسعاط ثوماس مرطون من بوستان في أميريكا ، ثم استعمله دكطر سيمصون في أيدنبرغ ، ومن بعده دكطر جامس روبنصون في إنكلترة ، ثم شهر في سائر الممالك ، ونشأ عنه الموت بعض الأحيان ، وفائدته تغييب الموجع عن حسّ ما يؤلمه ، حتى أنه يمكن للجراح أن يقطع عضوا منه أو يحرقه ولا يشعر به ، وقد استعملته الملكة عند ولادتها غير مرة.
عودة للملاحظات والمآخذ
وإن منكم نباشين للقبور يسرقون أكفان الموتى ويبيعونها ، وإن الأولاد يختلسون في كل طريق مظلم وفي كل زحام ، وإن سفلتكم عارون عن الأدب والحياء ودأبهم التعدّي على الغريب والإساءة إليه. وإن كثيرا من بيوتكم القديمة وحيطانكم العهيدة تتهدم وتسقط على الناس فتهلكهم ، وإنه قد يمكث الإنسان عندكم شهرا ولا يرى الشمس إلا مرة أو مرتين ، وإن ربيعكم أبرد من شتائكم وصيفكم أمطر من خريفكم. وإنه لا فرجة عندكم ولا مشهد ولا موسم ولا ملهى ، إلا ويغص باللئام الطغام والأوباش والأوغاد والسفلة الأرذال ، حتى عمدتم إلى إفساد ما خلقه الله منا لمأكول والمشروب طيبا مريئا ، أفليست لكم ألسنة تذوق هذا الرجس وتنطق بالحق ، وحلوق تستبشع ذلك الخبيث من الطعام كما تستفظع حروف الحلق؟ فإن كان خلو لغتكم عنها هو مسبّب من استطيابكم لهذا الخبيث ، فمناها الله بضعفيّ ما في لغتنا منها.