الرجل.
وأهل مالطة أشدّ الخلق تهافتا على الزواج ، فإنّ الرجل منهم ليتزوج وكسبه في اليوم قرشان (أي نصف ريال وتسعة نواصر) وهما لا يشبعانه خبزا وإداما وإنّما يثق بأنّ زوجته تساعده على الشغل وتكسب مثله. وآفة نسائهم حسن الخلق دون حسن الخلق فإنّ المرأة تجري وراء من به صباحة دون مبالاة بالعواقب ، فلا يهمها كون الرجل فقيرا أو جاهلا أو شريرا غير أن النساء هنا لا يحترمن أزواجهن ، فكثيرا ما تعارض المرأة زوجها وتخطّئه وتسفهه بحضرة الناس ، وكلّهنّ إذا تكلّمن يرفعن أصواتهنّ إلى حدّ يبقى الغريب عنده مبهوتا.
وكانت عادتهن في القديم أن لا يتبرجن للشبان ولا يخطرن في الطرق ، ولا يتعلّمن القراءة والكتابة ، ومتى خطبن احتجبن عن الأخطاب ، وربما كان الرجل يخطب بنتا بواسطة أمّه وأخته من دون أن يراها ، أمّا الآن فقد تخلّقن بأخلاق نساء الإنكليز في مخالطة الرجال ومماشاتهم والذهاب معهم إلى المراقص والملاهي ، وكثيرا ما تهرب البنت من حجر والديها وتمكث مع من تهوى ، وكثير من النساء الغنيات الطاعنات في السن يتزوجن الفتيان البطّالين فيمكث الرجل مع زوجته طاعما كاسيا. والذي عليه حكمة النساء هنا إيثار الأقارب على الزوج فإنّهن يقلن : إنّ الزوج إذا مات يعوّض بمثله ولا كذلك الأقارب ، وهنّ كنساء الإنكليز في أنّهن لا يتزوجن إلا من كان في سنّهن إلا إنّهن يخالفنهن في كونهن يتزوجن على صغر ، وإذا مشى الرجل مع زوجته مشيا محاذيين لا متماسكين بالأذرع كالإفرنج إذ لا بدّ للمرأة أن تمسك ثيابها كما ذكرنا آنفا.
وكثيرا ما يخرج الرجال وحدهم ويغادرون نساءهم في البيوت. وأكثر أهل الحانات بمالطة متزوج ، واللبيب منهم من يتزوج حسناء لتسقي الشّرب وتنادمهم ، فيجتمع عندها من العساكر البحرية والبرية زمر شتى.
التسرّي والبغاء
والفجّار من أهل مالطة الذين دابهم كسب المال بأي وجه كان يتظاهرون بأنّهم