طالبون للإحصان حتى إذا حصلوا على المهر فرّوا به إلى البلاد البعيدة ، ثم المتعه أو التسرّي أمر مستفيض عند جميع أهل مالطة ، وقد تترك المرأة المتزوّجة بعلها وتهوي في إثر من تهوى ، وكذا الرجال. وأعرف كثيرا من العيال قد فارق منهم الزوج زوجته وأقام مع أخرى وأقامت هي مع آخر ، وتسرّى أبوه بنساء وأقامت بناته مع رجال أو صرن بغايا ، والبغايا في هذه الجزيرة لسن ذوات ثروة ولا جمال رائع الا ما ندر ، فلا تجد لإحداهن دارا على حدتها أو خادما لكنهن في الغالب غير وقحات ولا متهافتات على الرجال ، بل هنّ لعمري أصون لسانا من المتزوّجات وأكثر ماء وجه ، إذ لا يحدّقن في الرّجال كالمتزوّجات ولا ينتقدن السحنة والزي ولا يتشبثن مثلهن بالنميمة ويتردّدن على الكنائس كثيرا ، وليس منهنّ من تريد أن تموت في الذنوب كما هي عبارتهن ، وحين يأتين الفاحشة يغطين وجوه صور القديسين التي في حجرهن أو يقلبنها تأدّبا وتورّعا ، وفي الجملة فإن أهل مالطة جميعا رجالا ونساء يغلب عليهم الشبق والسفاح.
آداب الجنازة في مالطة
أمّا عادتهم في آداب الجنازة فكعادة الإفرنج في أنهم لا يقيمون المآتم على الميت ، فلا تعرف أن أحدا من الأهلين مات إلا من صحف الأخبار ، وهي عادة حميدة ، فإنّ العويل والنحيب فضلا عن كونهما لا يحييان مائتا ولا يردّان فائتا أو كما قال الشاعر : «ولم يرجع الموتى حنين المآتم» يلقيان الهمّ والرعب في قلوب السامعين ، وإنّما يلبسون الحداد على الميّت مدّة طويلة ، ويدفنونه بعد أربع وعشرين ساعة ، وربّما أرسلت الجيران إلى أهل الميّت وضيمة(٧٣) كما في برّ الشام. أما عليّة الإنكليز فلا يدفنون الميّت إلا بعد أسبوع في الأقل كما في بلادهم ، وإذا مات لحد المالطيين طفل صغير أقبلت عليه الأصحاب تهنّئه قائلين : «نفرح لك بالجنة» ومتى ولد لهم ولد وضعوا تحته التبن ليكون سقوطه عليه تشبيها بالمسيح ، وإذا مات أحد من ضبّاط
__________________
(٧٣) الوضيمة : طعام المأتم. (م).