بكر بن حمدان ، نا عبد الله بن أحمد بن محمّد بن حنبل ، حدّثني أبي (١) ، نا هاشم بن القاسم ، نا عكرمة بن عمار ، حدّثني إياس بن سلمة بن الأكوع ، عن أبيه قال :
قدمنا المدينة زمن الحديبية مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فخرجنا أنا ورباح غلام النبي صلىاللهعليهوسلم بظهر النبي صلىاللهعليهوسلم وخرجت بفرس لطلحة بن عبيد الله ، كنت أريد أن أبدّيه (٢) مع الإبل ، فلما كان بغلس أغار عبد الرّحمن بن عيينة على إبل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقتل راعيها وخرج يطردها هو ، وأناس (٣) معه في خيل ، فقلت : يا رباح اقعد على هذا الفرس فألحقه بطلحة وأخبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قد أغير على سرحه ، قال : وقمت على تل فجعلت وجهي من قبل المدينة ثم ناديت ثلاث مرات : يا صباحاه قال : ثم اتّبعت القوم مع سيفي ونبلي فجعلت أرميهم وأعقر بهم وذلك حين يكثر الشجر ، فإذا رجع إليّ فارس جلست له في أصل الشجرة ثم رميت فلا يقبل عليّ فارس إلّا عقرت به ، فجعلت أرميهم وأقول :
أنا ابن الأكوع |
|
اليوم يوم الرضّع |
فألحق برجل منهم فأرميه وهو على راحلة رحله فيقع سهمي في الرجل حتى انتظمت كتفه فقلت : خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع ، فإذا كنت في الشجر أحرقتهم بالنبل ، وإذا تضايقت الثنايا علوت الجبل (٤) فردأتهم بالحجارة ، فما زال ذلك شأني وشأنهم أتبعهم ، فارتجز حتى ما خلق الله شيئا من ظهر النبي صلىاللهعليهوسلم إلّا خلّفته وراء ظهري واستنقذته من أيديهم ، ثم لم أزل أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين رمحا ، وأكثر من ثلاثين بردة يستخفّون (٥) منها ، ولا يلقون من ذلك شيئا إلّا جعلت عليه حجارة ، وجمعت على طريق رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى إذا امتد الضحى أتاهم عيينة بن بدر الفزاري مددا لهم وهم في ثنية ضيقة ، ثم علوت الجبل فأنا فوقهم ، فقال عيينة : ما هذا الذي أرى؟ قالوا : لقينا من هذا البرح ما فارقنا بسحر حتى الآن ، وأخذ كل شيء كان في أيدينا وجعله وراء ظهره ، قال : عيينة : لو لا أن هذا يرى أن وراءه طلبا لقد ترككم ، ليقم إليه نفر منكم ، فقام إليه نفر منهم أربعة ، فصعدوا في الجبل فلما أسمعتهم الصوت قلت :
__________________
(١) مسند الإمام أحمد ٤ / ٥٢ ـ ٥٣.
(٢) كذا بهذه الرواية بالباء الموحدة ، يعني أبرزه مع الإبل ويذهب معها إلى موضع الكلأ (اللسان : بدا).
(٣) عن مسند أحمد وبالأصل : «وأنا».
(٤) عن المسند وبالأصل وم : الخيل.
(٥) عن المسند وبالأصل : يسحيون.