وحفلت رحلته بالكثير من المحسنات البديعية مثل : الاستعارة والسجع البديع دون تكلف ، بحيث يسهل فهمها. كما نجده يقدم معلوماته ببراعة مع حسن تصوير وتشبيه وصدق في الوصف والتحري بقدر اطلاعه على حقائق بعض الأمور المذكورة له ؛ إضافة إلى اهتمامه البالغ بما ساد العالم الإسلامي.
وعلى الرغم من بعض الأخطاء والهفوات التي وقع فيها ابن جبير.
فمدونته تحوي الكثير من المعلومات المهمة التي لا يستغني عنها أديب أو جغرافي أو اقتصادي أو مؤرخ يتناول تلك الفترة بالدراسة ؛ ولو لا تسجيله لها لبقي كأحد الكتاب المشهورين بجمال الأسلوب وحسن الصياغة في الدولة الموحدية.
الرعيني
٥٩٢ ـ ٦٦٦ ه / ١١٩٥ ـ ١٢٦٧ م
الرحالة الأندلسي على بن محمد بن على بن محمد بن عبد الرحمن ابن هيصم الرعيني الإشبيلي البطشي حيث كان سلفه فيها يعرفون ببني الحاج ، ويلقب بأبي الحسن ويعرف بابن الفخار صنعة أبيه. وقد أراد والده أن يعلمه تلك الحرفة فلم يفلح (١). ولد بإشبيلية (٢) في شعبان عام ٥٩٢ ه / ١١٩٥ م فنشأ فيها وأخذ القراءة على شيوخ عصره ، وقد أجيز صغيرا وقدم للتدريس في مجالسها ، وتولى القضاء على مذهب الإمام مالك في مورور (٣) عام ٦١٥ ه / ١٢١٨ م.
ومن المرجح أن تكون رحلة الرعيني إلى المشرق فيما بين عامي ٦١٨ ه / ١٢٢١ م و ٦١٩ ه / ١٢٢٢ م ، ففي ترجمته لشيوخه المشارقه يشير
__________________
(١) المراكشي : الذيل والتكملة ، ج ٥ ، قسم ١ ، ص ٢٢٣.
(٢) (اشبيلية) مدينة كبيرة بالأندلس قريبة من البحر يطل عليها جبل الشرف ، كثيرة الشجر والزيتون وسائر الفواكه ، اشتهرت بزراعة القطن الذي يحمل منها إلى جميع بلاد الأندلس والمغرب وهي على شاطىء نهر عظيم تسير فيه المراكب المتصلة يقال له وادى الكبير. أنظر ياقوت الحموي : معجم البلدان ، ج ١ ، ص ١٩٥ ؛ الحميري : الروض المعطار ، ص ٥٨ ـ ٦٠.
(٣) (مورور) : كورة مورور متصلة بأحواز قرمونه من جزيرة الأندلس وهي في الغرب والجوف كورة شنونه وهي من قرطبة بين القبلة والمغرب ومدينة قلب قاعدة مورور ودار الولاية بها. انظر الحميري : الروض المعطار ، ص ٥٦٤.