ينسب ابن بطوطة لأسرة علم ، فمنها القضاة والعلماء ، وهو ما ذكره لملك الهند عند ما خيره بين الوظائف التي يرغبها ، فقال : " أما الوزارة والكتابة فليست شغلي. وأما القضاء والمشيخة فشغلي وشغل آبائي" (١).
وقد أشار إلى توليه قضاء الركب الحجازي عند خروجه من تونس قاصدا الحجاز. وممن تولى القضاء من عائلته ابن عم له يقال له أبو القاسم محمد ابن يحيى بن بطوطة قاضي إحدى المدن الأندلسية.
ولا نعرف من أخبار عائلة ابن بطوطة ومكانتها سوى ما أشار به في رحلته. وهو مالكي المذهب. تلقى علومه الأولى على مشايخ طنجة ، وأصبح ذا معرفة واسعه مكنته من تولي قضاء الركب الحجازي. واستمر ابن بطوطة في طلب العلم فهو لم يكن يخالط إلا العلماء والقضاة. ولعله كان يقرض الشعر ، وذلك من خلال إيراده أبياتا نسبها لنفسه ولم نعثر في المصادر إيضاحات عن ذلك. وقد ظهر قرضه الشعر عند مدحه لملك الهند رغبة منه في مساعدته لقضاء دينه (٢).
لم يشر ابن بطوطة إلى طلبه العلم في البلدان التي زارها ، واكتفى بالإشارة إلى سماعه على بعض كبار العلماء والوعاظ. كما أنه لم يصرح بأسماء مشايخه في طنجة. وقد ذكر ابن حجر أنه لقي العديد من العلماء (٣).
أخلاقه :
لقد كان سريع الاندماج والتأقلم مع أهل المدن والبلدان التي زارها وألف عاداتها نظرا لطول مدة سفره. وهو بهذا عكس العبدري.
فابن بطوطة شديد الحرص على التمسك بتعاليم الدين الإسلامي (٤). فلا يكاد يسمع برجل صالح أو عالم إلا وسارع إلى لقائه والتبرك بدعائه وهو كثير
__________________
(١) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ٥١١.
(٢) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٨ ، ٦٦٨ ، ٥١٣ ، ٥١٥.
(٣) ابن حجر : الدرر الكامنة ، ج ٣ ، ص ٤٨٠.
(٤) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٤.