وقد عرف عن الدمر شجاعته وحّدة مزاجه وقّوة شخصيته ، فنهض وجماعتة من المماليك على صراخ الناس وقام بإهانة الشريف وسبّه وقبض على بعض قواده ، فلاطفه الشريف فلم يهدأ خشية تدخله وإفساد ما رسم لتنفيذه ، وعند اشتداد صياح الناس ركب الشريف مبارك بن عطيفة في قّواد مكة المكرمة بآلة الحرب وركب جند مصر فبادر خليل ولد الأمير الدمر ليطفئ الفتنة ، وضرب أحد العبيد فرماه بحربة فقتله ، فلما رأى أبوه ذلك اشتد غضبه وحمل بنفسه لأخذ ثأر ولده فرمي الآخر بحربة فمات.
ويقال بل صدف الشريف مبارك بن عطيفة وقد قصد أمير العراق وعليه آلة حربه ، فقال له ويلك تريد أن تثير فتنة ، وهّم بضربه بالدبوس فضربه مبارك بحربة كانت في يديه أنفذها من صدره فخرّ صريعا ، وقتل معه في هذه الفتنة عدد آخر وفر أمير الحج العراقي عند ذلك ونجا بنفسه ورمي مبارك ابن عطيفة بسهم في يده فشلّت. وصعد أهل مكة المكرمة سطح الحرم ورموا الأمير أحمد ومن معه بالحجارة ، وفّر أمير ركب العراق ، ودخلت الخيل المسجد الحرام ليمتد القتال إلى من به واختلط الناس ببعضهم ، ونهبت الأسواق ، ووقع عدد كبير من القتلى بأيدى العبيد ، وصلّى الناس الجمعة والسيوف تعمل ، وتجمّع الأمراء في مكان نزولهم خارج مكة المكرمة بعد أن لا حقتهم السيوف وقرّروا العودة إلى داخل مكة المكرمة ثانية طلبا للثأر ، فخرجوا فارين مّرة أخرى ، وتصدى الشريف عطيفة للقضاء على هذه الفتنة بعد أن فات الغرض منها بفرار أمير الركب العراقي فحسم الموقف ورحل الحجاج عائدين إلى بلادهم.
ولما علم سلطان مصر بقتل الدمر شقّ الأمر عليه ، وأمر بإحضار الشريف عطيفة وابنه وقوّاده. وسار العسكر فوصلوا مكة المكرمة وهرب الناس إلى نخلة وغيرها ، وفّر الشريفان عطيفة ورميثة وأولادهما وجندهما إلى جهة