اليمن وكان الشريف رميثة قد جمع العرب لمحاربة الأمير ، فبعث إليه بالأمان وهو الخاتم والمنديل وقلّده إمارة مكة (١).
ونجد أن ابن بطوطة خالف معظم المؤرخين في أسباب الفتنة ، ولعلّ ما جاء في رحلته هو الأصحّ لأنّه شاهد عيان لها. وربما حدث خلط من حيث التحّرش بالحجّاج العراقيين بدلا من اليمنيين كما وأن ابن بطوطة أورد تفاصيل لم ترد في كافّة المصادر ، مما يدلّ على أنه كان قريبا جّدا من مكان الواقعة بحيث أنه سمع ورأى ما حدث من دقائق الأمور ، وعلى كل فالحادثة وقعت فعلا وإن اختلف المؤرخون في إبداء أسبابها ، ونرجّح ما جاء في رحلة ابن بطوطة فهو كما سبق شاهد عيان لهذه الحادثة بتفاصيلها.
ولقد ارتبط أمراء مكة المكرمة بعلاقات ودّية مع سلطان كلوة (٢) أبي المظفر حسن (٣) حيث كانوا يفدون عليه لنيل أعطياته ، كما أشار إلى ذلك ابن بطوطة (٤).
ب ـ إمارة المدينة المنورة :
انصبّ اهتمام الرحالة المغاربة والأندلسيين على مكة المكرمة فكان لها الحظّ الأوفر في كتاباتهم إذ تتبعوا جميع شؤونها وتقصّوا مختلف أحوالها.
أما المدينة المنورة فلم تحظ إلا بالقليل من اهتمام الرحالة وبالتالي تضاءلت
__________________
(١) المقريزي : السلوك ، ج ٢ / ٢ ، ص ٣٢٣ ـ ٣٢٩ ؛ ابن فهد : إتحاف الورى ، ج ٣ ، ص ١٨٩ ـ ١٩٧ ؛ الجزيرى : الدرر الفرائد ، ج ١ ، ص ٦٣١ ـ ٦٣٧.
(٢) (كلوة) بالكسر موضع بأرض الزنج وعلى بعد نحو ٢٤٠ كم إلى الجنوب من مدينة دار السلام عاصمة تنزانيا حاليا. انظر ياقوت الحموي : معجم البلدان ، ج ٤ ، ص ٤٧٨ ؛ سليمان عبد الغني المالكي : سلطنة كلوة الإسلامية ، ص ١٩.
(٣) أبو المظفر حسن بن سليمان ويكّنى أبا المواهب لكثرة مواهبه ومكارمه ، كان كثير الغزو إلى أرض الزنوج والإغارة عليهم ، فكثرت غنائمه وعمل على صرفها وفق تعاليم الشريعة الإسلامية في كتاب الله تعالى وجعل نصيب ذوي القربى في خزانة على حدة فإذا جاءه الأشراف دفعه إليهم وهو دائم التواضع للفقراء حريص على تناول الطعام معهم ، كثير التعظيم للعلماء. حكم ٢٤ سنة ومات دون عقب. انظر ابن بطوطة : الرحلة ، ص ٢٥٨ ؛ المالكي : سلطنة كلوه الإسلامية ، ص ٤٣.
(٤) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ٢٥٨.