وجاء في رواية القلقشندي أن مقبلا اشترك في إمرة المدينة المنورة مع أخيه منصور (١) على إثر طلبه من الظاهر بيبرس بمصر لذلك. وعند ما قام منصور بالإيعاز لابنه في تدبير شؤون المدينة المنورة خلال غيابه فاعتبر مقبل ذلك تعّديا على حقوقه في الإمارة ، فهجم على ابن أخيه وانتزعها منه ، مما دفع بكبيش إلى الخروج من المدينة المنورة واللحاق بأحياء العرب طالبا مساعدتهم ، واستعاد المدينة المنورة وتمكن من قتل مقبل في سنة ٧٠٩ ه / ١٣٠٩ م وعاد منصور إلى إمارته ثم هلك سنة ٧٢٥ ه / ١٣٢٤ م فولي ابنه كبيش فقتله عسكر ابن عمّه ودى بن جماز (٢) الذي حكم المدينة المنورة من قبل الملك الناصر محمد ابن قلاوون وعقب وفاته تولاها طفيل بن منصور بن جماز وانفرد بإمرتها (٣).
فنلاحظ أن ما أورده ابن بطوطة حول المدينة المنورة وأمرائها متفق مع غالبية المصادر. كما نرى أن اعتماد وسيلة القتل في سبيل الإمارة أيضا معروف في المدينة المنورة ، بل إنها شملت حتى من يتطاول على شخص الشريف ولو خطأ فيقتل جزاء ذلك ، وذكر ابن بطوطة أن أحد فقهاء ومدرسي المالكية بالمدينة المنورة ويدعى أبو العباس الفاسي تحّدث يوما مع الناس فانتهى به الكلام إلى القول أن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام لم يعقب فبلغ ذلك أمير المدينة طفيل بن منصور بن جماز الحسيني فأنكر كلامه
__________________
(١) منصور بن جماز بن شيحة بن هاشم بن قاسم بن مهنا بن الحسين بن مهنا بن داود بن قاسم ابن طاهر بن يحيى بن عبد الله بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن على بن أبي طالب الحسيني صاحب المدينة والد طفيل استقل بالإمرة في حياة والده سنة ٧٠٠ ه / ١٣٠٠ م ثم حضر أخوه مقبل فقتل مقيل ثم توجه إلى مصر فأقام ولده كبيش بها ، وأعاد الناصر منصورا إلى الإمرة سنة ٧١٦ ه / ١٣١٦ م فاستمر بها إلى أن قتله ابن أخيه حديثة بن قاسم بن جماز وقتل قاتله في الحال سنة ٧٢٥ ه / ١٣٢٤ م. انظر ابن حجر : الدرر الكامنة ، ج ٤ ، ص ٣٦٢ ـ ٣٦٣.
(٢) ودى بن جماز بن شيحة الحسيني أمير المدينة محبا للسنة وكارها للشيعة. انظر ابن حجر : الدرر الكامنة ، ج ٤ ، ص ٤٠٦ ـ ٤٠٧.
(٣) القلقشندي : صبح الأعشى ، ج ٤ ، ص ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ؛ أحمد بن محمد صالح الحسيني البرادعي : المدينة المنورة عبر التاريخ الإسلامي ، ص ١١٨ ـ ١٢١.