وانحصر منصب حاكم بلاد الحجاز في الأشراف بطريق الوراثة. كما خضع أمير مكة المكرمة في تعيينه وعزله للدولة العباسية ببغداد (١). التي تسارع إلى تأديبه إذا انحرف عن السياسة المرسومة له : مثلما حدث مع الأمير مكثر (٢).
وأحيانا كان أهل مكة المكرمة يقومون بترشيح أحد الأشراف ليكون الحاكم بدلا من شريف آخر بسبب سوء سيرته أو إساءته لأهل البلاد ، وخاصة للمجاورين والتجار ، وتمت الموافقة على ذلك من قبل سلطان مصر (٣). وعقب انتقال الخلافة العبّاسية لمصر لم يعد الترشيح قائما على اختيار الأصلح للولاية.
ب ـ نظام ولاية العهد :
أشار الرحالة التجيبيّ إلى منصب ولاية العهد ؛ الأمر الذي لم يشر إليه المؤرخون ، إذ أن ولاية العهد لم تكن موجودة في تقاليد الأشراف. ولكن يعدّ ولي العهد للحكم عن طريق المشاركة أثناء عهد والده أو أخيه فتتاح له الفرصة لإثبات مدى أهليته لهذا المنصب ، وتكوين الأنصار والمؤيّدين. حيث إن المتولّي لمنصب الحاكم في نظر الأشراف وفق إجماع أهل الحل والعقد ، ولهذا حرص الأشراف على إشراك أبنائهم معهم في إدارة شؤون البلاد (٤).
__________________
(١) ابن جبير : الرحلة ، ص ٨٥ ؛ التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٥٢ ؛ السباعي : تاريخ مكة ، ج ١ ، ص ٢٢٢ ؛ عائشة باقاسي : بلاد الحجاز ، ص ٣٩.
(٢) ابن جبير : الرحلة ، ص ٨٥ ؛ ابن الاثير : الكامل ، ج ٩ ، ص ١٣٧ ـ ١٣٨ ؛ التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٥٢ ؛ ابو الفدا : تاريخ أبي الفدا ، ج ٣ ، ص ٥٨ ؛ الفاسي : شفاء الغرام ، ج ٢ ، ص ٥٣٦ ـ ٥٣٨ ؛ ابن فهد : إتحاف الورى ، ج ٢ ، ص ٥٣٦ ـ ٥٣٨. انظر ما سبق ص ١٤٨.
(٣) ابن خلدون : العبر ، ج ٥ ، ص ٥٠٥.
(٤) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٠٧ ؛ أحمد بن عمر الزيلعي : نظام المشاركة في الحكم لدى أشراف مكة ، مجلة الدارة ، العدد الثالث ، الرياض ، ١٤٠٩ ه ، ص ٧٤ ـ ٧٥.