لا بد من أن تتوفر به شروط مهمة منها : العلم بأحكام الشريعة ، والحرية والعدل ، والشدّة والصرامة في تنفيذ الأحكام مع النزاهة والفقه. وفي بلاد الحجاز وردت في كتب الرحالة إشارات إلى هذه الوظيفة لدى ابن رشيد ، حيث ذكر أن شيخه رضّي الدين من القائمين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولكن يبدو أن ذلك لم يكن يرضي الشريف أبا نمي فقام بسجنه ولكنه لم يلبث أن أطلقه (١).
وقام ابن بطوطة بإيراد اسم أحد الأشخاص الذين تولوا منصب المحتسب. وهو إمام الحنابلة محمد بن عثمان (٢) ، فإلى جانب قيامه بالحسبة ناب في القضاء أيضا. ويبدو أن أمير مكة المكرمة يقوم بحماية المحتسب فمتولّي هذا المنصب يتم تعيينه وفق أمر الأمير ، ويعطى عمامة في حضور عدد كبير من الناس ضمانا لعدم التعّرض له بسوء (٣).
ويمكننا القول إن المحتسب لم يكن يتمتع بالحماية في زمن رحلة ابن رشيد ، ولكن لم يلبث أن أصبح من المتمتعين بحماية أمير مكة المكرمة في زمن رحلة ابن بطوطة.
ز ـ التنظيمات الحربية :
يشمل النظام الحربيّ الحديث الجيش والأسطول وكافة ما يتعلق بذلك ، ولكن نقتصر هنا على مادوّنه الرحالة في كتب رحلاتهم. والواقع إنها معلومات قليلة وضئيلة وبالرغم من ذلك فهي تلقي بعض الضوء على ما كانت عليه الأوضاع في تلك الفترة.
__________________
(١) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ١٣١.
(٢) انظر ترجمته فيما بعد ص ٢٨٢ ـ ٢٨٣.
(٣) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٥١ ـ ١٥٢ ؛ الفاسي : العقد الثمين ، ج ٢ ، ص ١٣٤ ـ ١٣٥.