ومنذ تلك الأيام برزت المكانة المرموقة للمسجد الحرام كمقر للتدريس والفتيا واستمر الوضع بتصدر كبار العلماء للتدريس والتعليم. فقد ذكر ابن رشيد أن رضي الدين الطبرى (١) تدور عليه الفتيا أيام الموسم (٢). وقد أيد الفاسي ابن رشيد في ذلك (٣).
وأشار الرحالة المغاربة والأندلسيون إلى تنوع حلقات العلم من سماع الأحاديث الشريفة (٤) والشعر (٥) والتفسير والسير والمغازي وعلوم الحديث ونماذج من خطب الجمعة وعلم القراءات والفقه وغيرهما من العلوم (٦) وساعد على بروز المسجد الحرام كمركز علمي توفر الكتب اللازمة للتعليم. فقد شاهد كل من ابن جبير والتجيبي وابن بطوطة والبلوي خزائن للكتب فيه (٧). وهي ولا ريب كتب وقفت على المسجد الحرام. إضافة إلى الكتب الخاصة بكل عالم يتولّى التدريس منها وذكر التجيبي أن لنجم الدين الطبري (٨) خزانة كتب كبيرة (٩). إلى جانب الكتب الموقوفة من قبل علماء مكة المكرمة (١٠).
وأسهم علماء كل مذهب بتأمين الكتب للدارسين وإيقافها عليهم داخل المسجد الحرام فقد شاهد ابن جبير خزانة للكتب تتبع الإمام المالكي موقوفة على أهل مذهبه (١١). ويلاحظ أيضا مجيء طلبة العلم ببعض الكتب لمقابلتها على ما لدى علماء مكة المكرمة وإضافة الشروحات عليها وخير مثال على وفرة الكتب بمكة المكرمة ما حوته كتب الرحالة من أسمائها.
__________________
(١) انظر ترجمته في ص ٢٧٥.
(٢) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ١٣١.
(٣) الفاسي : العقد الثمين ، ج ٣ ، ص ٢٤٠ ـ ٢٤٧.
(٤) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ١٣١ ؛ التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٦٢.
(٥) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ٢٦٣.
(٦) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٨٢ ، ٤٠٤ وما بعدها ، ص ٣٧٦ ، ٣٨٥ ، ٤٣٤ ، ٤٤١.
(٧) ابن جبير : الرحلة ، ص ٨٠ ؛ التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٠٦ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٣٨ ، البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٣٠٦.
(٨) انظر ترجمته في ص ، ٢٨١.
(٩) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٧٦.
(١٠) الفاسي : العقد الثمين ، ج ٥ ، ص ١٠٢.
(١١) ابن جبير : الرحلة ، ص ٨٣.