أما العبدري فذكر نفس المدرسة بنفس مكانها ونسبها لأحد حفدة الفقيه محب الدين الطبري (١). ولعل سبب نسبتها إليه أنه القائم عليها ، فالتبس الأمر على العبدري خاصة أن إقامته في مكة المكرمة محدودة ولم يتمكن فيها من تحرّي الأمر بدقة. إضافة إلى أن المحب الطبري يعمل معلما بها وكثير السفر إلى اليمن. ولعل الحفيد المعني في قول العبدري نجم الدين الطبري والذي رافق جده إلى اليمن (٢). فربما نال حظوة القيام على المدرسة. وذكر الفاسي قولا يوافق التجيبي من قيام هذه المدرسة بتدريس الحديث والفقه على المذهب الشافعي (٣).
وقد كانت هذه المدرسة مثار انتباه الرحالة ، إذ اكتفوا بذكرها دون غيرها وربما يرجع ذلك إلى عظم هذه المدرسة وما هي عليه من علو الشأن دون باقي المدارس حتى قيل : إنها" كانت من العظم بحيث يغبط ملوك الأرض بانيها" (٤) ويبدو أن تلك النظرة لها كانت من الناحية المعمارية والعلمية.
وقد أغفلت كتب الرحالة المغاربة والأندلسيين ذكر بعض المدارس التي كانت معاصرة لرحلاتهم ، وجاءت الإشارة إليها في الكتب التاريخية المعاصرة. ومن أهم هذه المدارس التي كانت تؤدي دورها :
مدرسة الزنجيلي :
ذكر الفاسي وابن فهد موقعها عند باب العمرة ويدرس بها الفقه الحنفي وأوقفت سنة ٥٧٩ ه / ١١٨٣ م (٥). ولكن الراجح أنها أوقفت سنة ٥٨٠ ه / ١١٨٤ م فابن جبير حجّ وجاور في تلك السنة ولم يذكر أنه رأى مدرسة بمكة فلو تمّ وقفها في تلك السنة لبادر ابن جبير إلى الإشارة لذلك إذ أنه من
__________________
(١) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ١٧٤.
(٢) الفاسي : العقد الثمين ، ج ٣ ، ص ٦٥ ؛ ج ٢ ، ص ٢٧٣.
(٣) نفس المصدر السابق ، ج ١ ، ص ١١٧ ؛ الفاسي : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ٥٢٣.
(٤) الخزرجي : العقود اللؤلؤية ، ج ١ ، ص ٨٢ ؛ ابن فهد : إتحاف الورى ، ج ٣ ، ص ٦٠.
(٥) الفاسي : العقد الثمين ، ج ١ ، ص ١١٧ ؛ ابن فهد : إتحاف الورى ، ج ٢ ، ص ٥٤٩.