وقد ذكر السخاوي بأن هذه المدرسة للمظفر غازي (١) وموقوفة على المذاهب الأربعة وتتوفر فيها أعداد كبيرة من الكتب التي فقدت فيما بعد (٢).
وأشار البلوي إلى مدرسة أخرى بالمدينة المنورة تقع مقابل باب الرحمة مع عدم الإشارة إلى اسمها (٣). كانت أماكن الدرس والتلقي بالمدينة تقام بالمسجد النبوي وقليل منها في منازل العلماء (٤). ولم يذكر أحد من الرحالة أنه أخذ علما بمدرسة سوى ابن جابر الوادي آشي (٥).
ومما سبق يتضح لنا ما كان عليه المسجد الحرام والمسجد النبوي من نشاط علمي بسبب وفرة الكتب العلمية ووجود العلماء القائمين على التدريس ، فشدّت الرحال إلى هذين المركزين لا للحج والزيارة فقط ؛ بل وللتزود بالعلم الذي سرعان ما ينتشر في أوطان هؤلاء الرحالة الذين يبادرون إلى نشره هناك وكأنما كانت مكة المكرمة والمدينة المنورة مقر العلم المكين الذي لا بد من الأخذ منه لتكتمل الدورة العلمية في سائر الأقطار الإسلامية.
ثالثا : كبار العلماء :
مكة المكرمة :
ضمت مكة المكرمة جمعا غفيرا من العلماء سواء كانوا مقيمن أو مجاورين وأورد الرحالة المغاربة والأندلسيون تراجم مفصلة لأشهر الموجودين
__________________
(١) لم يتضح من هو المقصود بالمظفر غازي حيث يوجد اثنان بهذا الإسم أولهما غازي المظفر بن أبي بكر العادل بن أيوب من ملوك الدولة الأيوبية المتوفي سنة ٦٤٥ ه / ١٢٤٧ م أو ٦٤٦ ه / ١٢٤٨ م. وثانيهما غازي المظفر بن داود الناصر بن عيسى المعظم بن العادل الأيوبي المتوفي سنة ٧١٢ ه / ١٣١٢ م. انظر الحنبلي : شفاء القلوب ، ص ٣٢٢ ـ ٣٢٤ ، ٤٢٣ ؛ الزركلي : الأعلام ، ج ٥ ، ص ١١٢ وفي الترجمه للمظفر بن أبي بكر ذكر أن له آثارا حسنة بالحجاز ولكن لم تشر المصادر التي تناولناها إلى إنشائه لمدرسة بالمدينة المنورة وربما يكون الأول هو المعني.
(٢) السخاوي : التحفة اللطيفة ، ج ١ ، ص ٦٤.
(٣) البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٢٨٧.
(٤) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ٢١ ، ٢٣ ، ٢٩ ، ٣٧ ، ٤٢ ، ٦٠ ، ٦٦ وغيرها ؛ ابن جابر الوادي آشي : البرنامج ، طبعة ١٤٠١ ه / ١٩٨١ م ، ص ١٩٢ ، ٢٠٦ ، ٢٣٨ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٢٩٢ ، ٢٩٤.
(٥) ابن جابر الوادي آشي : البرنامج ، طبعة ١٤٠١ ه / ١٩٨١ م ، ص ٤٥.