فنجد أن أغلب الرحالة المغاربة والأندلسيين يصدرون الآية القرآنية الكريمة (رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ)(١) في بداية حديثهم عنها إشارة إلى جغرافيتها. ثم يتناولون وصفها الجغرافي بأنه واد مجدب ليس فيه زرع ولا ماء تحيط بها الجبال بحيث لا يراها قاصدها إلا عند اقترابه منها ، وعلى الرغم من تكوينها الجغرافي إلا أنها عامرة بالسكان امتدادها اخذ في الاستطالة (٢). ووصفها التجيبي بأن شكلها أشبه بالمثلث (٣) ، ومع كل ما سبق فقد استجاب الله لدعوة إبراهيم الخليل عليهالسلام فأصبحت بلدة عامرة ومحط الرحالة المسلمين من كل مكان. ويلاحظ أن معلومات الرحالة الجغرافية عنها مشابهة تماما لأوصاف الجغرافيين (٤).
أما حدود الحرم فقد ذكر التجيبي أنها تختلف في القرب والبعد عن مكة فقال : «إن حد الحرم من طريق اليمن من طرف إضاءة لبن في ثنية لبن (٥) على سبعة أميال من مكة ومن طريق جدة منقطع الأعشاش على عشرة أميال منها ومن طريق الطائف على طريق عرفة من بطن نمرة على أحد عشر ميلا ومن طريق العراق على ثنية الخل (٦) بالمقطع على سبعة أميال منها ومن طريق الجعرانة في شعب آل عبد الله بن خالد بن أسيد على تسعة أميال
__________________
(١) القرآن الكريم : سورة إبراهيم ، ١٤ / ٣٧.
(٢) ابن جبير : الرحلة ، ص ٨٧ ؛ العبدري : الرحلة المغربية ، ص ١٧٢ ـ ١٧٣ ؛ التجيبي : مستفاد الرحلة ؛ ص ٢٣٠ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٣١ ؛ البلوي : تاج المفرق ؛ ج ١ ، ص ٣٠٧ ؛ انظر الرسم رقم (١).
(٣) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٢٣٠.
(٤) ابن حوقل : صورة الأرض ، ص ٣٥ ـ ٣٧ ؛ عرام بن الأصبغ السلمي : أسماء جبال تهامة وسكانها ، ص ٤١٨ ـ ٤١٩ ؛ ياقوت الحموي : معجم البلدان ، ج ٥ ، ص ١٨٧ ؛ ابن المجاور : تاريخ المستبصر ، ص ٥ ، ٩ ؛ البغدادي : مراصد الاطلاع ، ج ٣ ، ص ١٣٠٣ ؛ الفاسي : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ٢٣ ؛ القطبي : إعلام العلماء ، ص ٢٩ ـ ٣٠.
(٥) وهي حد من حدود الحرم على طريق اليمن ويبدو أنها ما يسمى اليوم بلبين فعنده حد الحرم اليماني ؛ انظر البلادي : معجم معالم الحجاز ، ج ٣ ، ص ١٤٢.
(٦) منتهى حد الحرم من طريق العراق وهو ما يعرف اليوم بخل الصفاح. انظر البلادي : معجم معالم الحجاز ، ج ٣ ، ص ١٤٢.