ومما ذكره الفاسي حول عمارة مسجد الخيف قوله بعدم توفر المعلومات الوافية عن المسجد عقب فترة الأزرقي إما لفقدها وإما لعدم التدوين مع التأكيد على قيام الوزير الجواد بعمارته وأن أم الخليفة الناصر لدين الله العباسي قد أسهمت في عمارته أيضا حيث وجد اسمها مكتوبا على بابه الكبير ، كما أسهم في عمارته المظفر الرسولي ملك اليمن سنة ٦٧٤ ه / ١٢٧٥ م (١).
وبيّن الفاسي مدى اهتمام الوزير الجواد بعمارته مما أدى إلى حسن حالته زمن رحلة ابن جبير والسؤال المتبادر إلى الذهن عن عمارة المظفر له في السنة المذكورة إذ نلاحظ أنها معلومة غير مؤكدة ولو كان كذلك لظهر في وصف ابن رشيد والعبدري والأرجح أنها تمت عقب سنة ٦٨٨ ه / ١٢٨٩ م وقبل وفاة المظفر الذي توفي سنة ٦٩٤ ه / ١٢٩٤ م (٢).
ونخلص مما سبق إلى أن المسجد قد أصابه التلف والحراب في عهد ابن رشيد والعبدري بينما نجده في حالة جيدة في زمن رحلة التجيبي. وقد سبقت الإشارة إلى توافق وصف التجيبي وصاحب الاستبصار وهناك احتمال بإعادة المظفر لبنائه وفق حالته زمن صاحب الاستبصار وأن التجيبي اعتمد عليه في معلوماته عن المسجد. وكان هذا حال المسجد إلى وقت قريب وقد تغير الآن بسبب التوسعة الجديدة وهذا يقودنا إلى نتيجة مهمة وهي أن معظم المباني المعمارية بقيت على حالها زمن إنشائها لم تتغير من حيث المساحة وطراز البناء إلا حديثا وما كان يقوم به الأمراء والملوك المسلمون من تعمير بها إنما كان ترميما وتجديدا فقط.
__________________
(١) الفاسي : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ٤٢٨ ؛ ولمزيد من التفصيلات حول مسجد الخيف انظر ناصر البركاتي ومحمد نيسان. دراسة تاريخية لمساجد المشاعر المقدسة ، ص ٥٤ ـ ١٩٩.
(٢) الخزرجي : العقود اللؤلؤية ، ج ١ ، ص ٢٣٢. انظر الرسم رقم ١٧.