على العكس لا بد وأن تكون قد عصفت بها خاصة عند تصارع الأمراء الأشراف بها على السلطة كما أشار إلى ذلك ابن بطوطة (١).
ويبدو أيضا أن بعض قرى الحجاز في تلك الفترة نعمت بهدوء سياسي أعقبه استقرار اقتصادي مثل وادي الصفراء.
ونجد أن الحجاز قد عرف جميع أنواع البناء سواء منه المدني أو الحربي أو الديني ، ولمسنا مدى إتقانهم لأنواعه ، إضافة إلى إتقان أهل الحجاز لفنون الزخرفة والنقش التي كانت تزين أهم الأماكن بها مثل المسجدين المكي والمدني ، وعليه فإن الحجاز وجد به المقومات الأساسية للدولة ولو لا سوء أوضاعه السياسية لأصبح من أعظم الأقاليم الإسلامية عمرانا وحضارة إذا أخذنا في الاعتبار الحركة العلمية الهائلة الموجودة به وما يأتيه من مساعدات اقتصادية كانت كفيلة بانتعاش اقتصاده وجعله من أحسن الأقاليم الإسلامية اقتصادا.
وعلى العموم فالمدينتان المقدستان قد نعمتا ببعض المشاريع التي توضح حرص واهتمام المسلمين من ملوك وأمراء عامة بالبناء والتعمير بها طلبا وسعيا وراء الأجر والثواب من الله عزوجل.
ونستطيع القول أخيرا إنه لو لا سوء أوضاع الحجاز السياسية التي تمثلت في تصارع الأشراف فيما بينهم من ناحية وتصارع الأشراف مع الدول المجاورة من ناحية أخرى ، إضافة إلى انتهاز الأعراب قطاع الطرق لسوء الحالة الأمنية بها في كثير من الأحيان لأصبح الحجاز إقليما ينعم بالاستقرار والهدوء خاصة بعد ان قيض الله تعالى للحجاز من خارجه أو داخله من يسد فراغ الناحية المعمارية بعد أن انصرف أمراؤه الأشراف عن هذه الناحية.
__________________
(١) انظر ما سبق ، ص ١٧٩ ـ ١٨١.