بالإضافة إلى ما سبق يبدو أنه قد توفرت لدى المسلمين الكثير من المعلومات عن الأقطار المراد فتحها. ومثال ذلك ما رواه اليعقوبي عن طلب عمرو بن العاص فتح مصر من الخليفة عمر بن الخطاب وترغيبه في ذلك بقوله : «يا أمير المؤمنين تأذن لي أن أصير إلى مصر فإنا إن فتحناها كانت للمسلمين وهي من أكثر الأرض أموالا ، وأعجزه عن القتال» (١).
ونرى هنا أن عمرا بن العاص كان يعرف الشيء الكثير عن مصر وربما كان هذا بسبب اشتغاله بالتجارة قبل الإسلام ؛ ولذلك شجع الخليفة على فتحها وضمها لبلاد الإسلام.
بالإضافة إلى علم حكام الدولة الإسلامية بالبلدان المراد فتحها. فقد أرسل عمر بن الخطاب رسالة إلى سعد بن أبي وقاص يأمره فيها أن يصف له منازل المسلمين قبل معركة القادسية كأنه ينظر إلى أرض المعركة" (٢).
وربما يمكننا إرجاع العناية بالأقاليم ووصفها إلى بداية التأليف لأخبار الفتح والمغازي. يضاف إليه أن اتساع الدولة الإسلامية تطلب الوصف والدراسة ؛ تمهيدا لتطبيق أحكام الشريعة ؛ وتسهيلا لمهمة الولاة (٣).
ومما سبق يتضح لنا اختلاف أغراض الرحلة والارتحال. والتي في جملتها أفرزت لنا أدبا مميزا يمكن أن نطلق عليه أدب الرحلة. ولا شك أن أمتع كتب الرحلات وأرفعها قيمة علمية وأدبية : هي تلك التي قام أصحابها بتأليفها بسبب خروجهم للحج أو طلب العلم أو الاثنين معا." فكانت حواضر العالم الإسلامي مراكز علم وإشعاع ، خاصة مكة المكرمة والمدينة المنورة. فكان العلماء يقصدونهما بغية التزود بالعلم والمعرفة يفد إليهما الوافد من أقصى المشرق أو المغرب فيلتقي بعالم آخر من بلاد بعيدة عن بلاده فيحصل من هذا الالتقاء
__________________
(١) اليعقوبي : تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ، ص ١٤٧ ـ ١٤٨.
(٢) الطبري : تاريخ الأمم والملوك ، ج ٤ ، ص ٩٠.
(٣) أحمد رمضان أحمد : الرحلة والرحالة المسلمون ، ص ١٠ ـ ١١.