انصرف فيها اهتمام المؤرخين للنواحي السياسية ، وتدوين أخبار المشرق الإسلامي وما واجهه من هجمات الصليبيين والتتار ، مع إهمالهم الناحية الاجتماعية. والتي نستطيع أن نستشف منها الأوضاع المعيشية للمجتمع في ظل تلك الظروف.
انصب حرص الرحالة على إظهار الجوانب الحسنة للمجتمع الحجازي وانتقادهم للسيء منها. وربما جاءت انتقاداتهم عنيفة مثل العبدري ، وربما جاءت بالدعاء إلى الله بإصلاح الأحوال كابن جبير. ومنهم من لم يتعرض لها بالنقد السلبي كابن بطوطة مثلا.
كما نستطيع أن نتلمس بداية الانحراف في العبادة والتواكل وغيرها من الأمور التي كانت وبالا على الإسلام والمسلمين من رحلة إبن جبير ، والتي بلغت ذروتها في رحلة ابن بطوطة. ولعل مرد ذلك إلى الفهم الخاطىء للشريعة الإسلامية.
٣ ـ أهميتها من الناحية السياسية :
إن ما سجله الرحالة المغاربة والأندلسيون من ملاحظات عن الأحوال السياسية في البلاد الإسلامية التي نزلوا بها كشف لنا كثيرا من الأمور التي نجهلها عن علاقات الممالك الإسلامية بعضها مع بعض ، وخاصة علاقات الحجاز بجيرانه. والتي توضح مدى ما تمتع به الأشراف من مكانة بين سلاطين وأمراء المسلمين الذين كانوا يغدقون الأعطيات عليهم مقابل السماح بالدعاء لهم في المسجدين الحرام والنبوي والمشاعر المقدسة. فعلاقتهم بالمماليك هي علاقة تبعية.
وأيضا علاقة الأشراف بعضهم ببعض والمنازعات الحاصلة بينهم. كما نستشف من كتابات الرحالة : أن أشراف الحجاز كانت لهم الحرية المطلقة في إدارة شئون مكة في بعض الفترات.