ولا يخفى : أنّه لا وجه لأن يصار إلى واحد منها ، فإنّه رفع اليد عن الظاهر بلا وجه. مع ما في الأخيرين من الاحتياج إلى إثبات أنّ متعلّق الجزاء متعدّد متصادق على واحد وإن كان صورة واحدا سمّي باسم واحد كالغسل ، وإلى إثبات أنّ الحادث بغير الشرط الأوّل تأكّد ما حدث بالأوّل ، ومجرّد الاحتمال لا يجدي ما لم يكن في البين ما يثبته.
إن قلت : وجه ذلك (١) هو لزوم التصرّف في ظهور الجملة الشرطيّة ، لعدم إمكان الأخذ بظهورها ، حيث إنّ قضيّته اجتماع الحكمين في الوضوء في المثال ، كما مرّت الإشارة إليه.
قلت : نعم ، إذا لم يكن المراد بالجملة فيما إذا تعدّد الشرط ـ كما في المثال ـ هو وجوب وضوء (٢) ـ مثلا ـ بكلّ شرط غير ما وجب بالآخر ، ولا ضير في كون فرد محكوما بحكم فرد آخر أصلا ، كما لا يخفى (٣).
إن قلت : نعم ، لو لم يكن تقدير تعدّد الفرد على خلاف الإطلاق (٤).
قلت : نعم ، لو لم يكن ظهور الجملة الشرطيّة (٥) في كون الشرط سببا أو كاشفا عن السبب مقتضيا لذلك (٦) ـ أي لتعدّد الفرد ـ ، وإلّا كان بيانا لما هو المراد من الإطلاق.
وبالجملة : لا دوران بين ظهور الجملة في حدوث الجزاء وظهور الإطلاق ،
__________________
(١) أي : وجه التصرّف بأحد الوجوه الثلاثة المذكورة.
(٢) هكذا في النسخ : والأولى أن يقول : «وجوب الوضوء».
(٣) غرض المصنّف رحمهالله أنّ التصرّف في ظهور الجملة الشرطيّة وإن كان أمرا لا بدّ منه ، إلّا أنّ التصرّف لا يتعيّن في أحد الوجوه الثلاثة ، بل يمكن التصرّف في ظهورها بوجه آخر ، وهو أن يكون متعلّق الحكم في الجمل الشرطيّة أفرادا متعدّدة حسب تعدّد الشرط ، فيكون متعلّق الحكم في إحداها فردا وفي الاخرى فردا آخر ، فالوضوء الواجب في قوله : «إذا بلت فتوضّأ» فرد من الواجب ، وفي قوله : «إذا نمت فتوضّأ» فرد آخر منه. وعليه لا يلزم اجتماع المثلين.
(٤) أي : إطلاق متعلّق الجزاء ، فإنّه يقتضي تعلّق الحكم بالطبيعة ، لا بالأفراد.
(٥) وفي بعض النسخ : «ظهور الجملة».
(٦) قوله : «مقتضيا لذلك» خبر قوله : «لو لم يكن».