«إن جاءك زيد فأكرمه» مثلا ـ لو قيل به (١) ـ قضيّة شرطيّة سالبة بشرطها وجزائها (٢) لازمة للقضيّة الشرطيّة الّتي تكون معنى القضيّة اللفظيّة ويكون لها خصوصيّة بتلك الخصوصيّة كانت مستلزمة لها. فصحّ أن يقال : «إنّ المفهوم إنّما هو حكم غير مذكور» ؛ لا أنّه حكم لغير مذكور (٣) ـ كما فسّر به (٤) ـ ؛ وقد وقع فيه النقض والإبرام بين الأعلام (٥) ، مع أنّه لا موقع له ، كما أشرنا إليه في غير مقام ، لأنّه من قبيل شرح الاسم ، كما في التفسير اللغويّ.
ومنه قد انقدح حال غير هذا التفسير ممّا ذكر في المقام ، فلا يهمّنا التصدّي لذلك ، كما لا يهمّنا بيان أنّه من صفات المدلول أو الدلالة ؛ وإن كان بصفات المدلول أشبه (٦) ، وتوصيف الدلالة به (٧) أحيانا كان من باب التوصيف بحال المتعلّق (٨).
__________________
ـ نحو ترتّب المعلول على العلّة المنحصرة.
فتحصّل : أنّ المفهوم حكم غير مذكور في القضيّة ، لازم لها باعتبار استعمالها في المعنى الّذي له خصوصيّة تلازم ذلك الحكم غير المذكور.
فقوله : «تستتبعه خصوصيّة المعنى» أي : تستلزم خصوصيّة المعنى ذلك الحكم.
وقوله : «الّذي اريد من اللفظ بتلك الخصوصيّة» وصف للحكم غير المذكور ، فيكون المعنى : أنّ المفهوم عبارة عن الحكم الّذي اريد من اللفظ ـ أي القضيّة ـ لثبوت تلك الخصوصيّة في معناه المنطوقيّ. فالأولى أن يقول : «لتلك الخصوصيّة» أو «لأجل تلك الخصوصيّة».
وقوله : «ولو بقرينة الحكمة» أي : ولو كانت دلالة اللفظ على الخصوصيّة بقرينة الحكمة.
وقوله : «وكان يلزمه لذلك» أي : كان المعنى المنطوقيّ يلزم ذلك الحكم لأجل وجود تلك الخصوصيّة في المعنى المنطوقيّ.
(١) أي : بمفهوم الشرط.
(٢) وهي قضيّة : «إن لم يجئك زيد فلا تكرمه» ، فتكون القضيّة سالبة شرطا وجزاء.
(٣) أي : لا أنّ المفهوم حكم لموضوع غير مذكور في المنطوق.
(٤) هكذا عرّفه العضديّ في شرحه على مختصر ابن الحاجب ١ : ٣٠٦ ، والشوكانيّ في إرشاد الفحول : ١٧٨.
(٥) راجع مطارح الأنظار : ١٦٧ ، والفصول الغرويّة : ١٤٥.
(٦) لما مرّ من أنّ المفهوم لازم لخصوصيّة المدلول المنطوقيّ.
(٧) هكذا في النسخ. والصحيح أن يقول : «ووصف الدلالة به».
(٨) هكذا في النسخ. والصواب أن يقول : «من باب الوصف بحال المتعلّق».