واضطر سبط ابن الجوزي إثر هذا إلى مغادرة دمشق والالتجاء إلى قلعة الكرك ، حيث مكث فيها من سنة ٦٢٦ حتى سنة ٦٣٣ ه / ١٢٢٩ ـ ١٢٣٦ م ، ثم رجع إلى دمشق حيث أقام مدة قصيرة ، وأخذ يتردد ما بين دمشق ، والقدس ، والكرك ، ثم قصد مصر سنة ٦٣٩ ه / ١٢٤١ م ، وأقام بها حتى سنة ٦٥٣ ه / ١٢٥٥ م ، حيث عاد إلى بلاد الشام ، فزار حماة لمدة وجيزة ، ثم رجع إلى دمشق حيث توفي فيها سنة ٦٥٤ ه ـ ١٢٥٩ م.
وعلى هذا كان سبط ابن الجوزي في أيامه الشخصية العلمية والجماهيرية ، وشارك سبط ابن الجوزي السلطان العظيم صلاح الدين في اسمه ، واستعار منه لقبه «أبو المظفر» واستلهم سيرته وشجاعته ، فآثر مصالح الأمة على منافعه ، وفضل آخرته على عاجلته.
وكان لمدينة بعلبك مكانة مهمة في عصر الحروب الصليبية ، وغالبا ما كانت تابعة لدمشق ، وبرزت في هذه المدة الزمنية بلدة يونين ، فصارت من أهم المراكز الثقافية ، ويبدو أنه أسهم في ازدهار الحركة الثقافية فيها ، هو كونها كانت من المناطق التي اعتاد بعض أهالي دمشق على اللجوء إليها ، عندما كانت مدينتهم تتعرض للمخاطر الخارجية ، ولربما أيضا أثناء الصراعات بين حكام أجزاء بلاد الشام ، ومن يونين خرج عدد مهم من العلماء ، والمتصوفة ، الذين ظلت علاقاتهم وثيقة مع دمشق.
ويهمنا من بين شخصيات يونين المؤرخ قطب الدين موسى بن محمد ابن عبد الله الذي ولد في يونين سنة ٦٤٠ ه / ١٢٤٢ م وفيها نشأ ، وكان والده من كبار العلماء ، ترجم له ابنه ترجمة واسعة ، وكذلك ترجم لعدد كبير من أعلام يونين.
ذلك أن قطب الدين اختصر كتاب مرآة الزمان ، ثم ذيل عليه حتى قبيل وفاته بسنوات قليلة ، فهو قد توفي سنة ٧٢٦ ه / ١٣٢٦ م ، وجاءت وفاته في بعلبك «عن ست وثمانين سنة» ، وأودع اليونيني في