سائر الدولة إليه حتى لم يتأخر أحد منهم عنه ، ووافاه فيمن وافاه أبو الفرج (١٨ و) يعقوب بن يوسف بن كلس الوزير ، بعد أن لاطفه وهاداه ، وزاد أمر ألفتكين بين يدي العزيز ، وتكبر على ابن كلس الوزير ، وامتنع من قصده ، والركوب إليه وأمره العزيز فلم يفعل ، وتدرجت الوحشة بينهما حتى قويت واستحكمت وأعمل الحيلة الوزير في الراحة منه ، ودس إليه سما فقتله به ، ولما مضى لسبيله حزن العزيز حزنا شديدا عليه ، واتهم ابن كلس واعتقله نيفا وأربعين يوما صح له خمسمائة ألف دينار ، ووقفت الأمور باعتزاله النظر فيها ، فأعاده العزيز وجدد اصطناعه واستخدامه.
ولاية قسام التراب لدمشق بعد الحاجب ألفتكين المقدم ذكره
والسبب في غلبته على الأمر في سنة ثمان وستين وثلاثمائة وما آل أمره إليه :
السبب في غلبة قسام على ولاية دمشق أن ألفتكين المعزي المذكور كان قد استخدمه وقدمه واعتمد عليه وسكن في كثير من أمره إليه ، فصار له بذلك صيت يخشى به ويرجى له ، واتفق خلو البلد من أكابر الولاة بعد ألفتكين وفراغه من شجعان الرجال ، وكان فيه المعروف بحميدان قد وليه (١) ، وأمر فيه ونهى وأخذ أعطى ، ففسد الأمر بين قسام وبين حميدان ، فصار حميدان من تحت حكم قسام لقهره له بكثرة من معه من الأحداث واستيلائه على البلد ، فطرده قسام عن الولاية ونهب أصحابه ما كان في داره ، وخرج هاربا ، فتمكن قسام من البلد ، واستقامت حاله فيه واجتمعت إليه الرجال ، وكثر ما في يده ، وقويت شوكته وتضاعفت عدته وعدته ، وولي القائد أبو محمود البلد بعد حميدان في نفر يسير وهو ضميمة لقسام واتفقت النوبة الحادثة ببغداد بين
__________________
(١) ذكر المقريزي في اتعاظ الحنفا : ١ / ٢٤٩ أن العزيز الفاطمي أنفذ قبل عودته من الرملة إلى مصر «واليا من العرب يقال له حميدان بن جواس العقيلي في نحو مائتي رجل».