ونزل طبرية وراسل أبا تغلب في الاجتماع معه ، وكان الفضل يهوديا أولا ، وكان أبوه طبيبا ، فكبرت نفس أبي تغلب أن يجلس معه على سرير من جهة اليهودية فأعلم ذلك ، فقال : كل منا على سرير ، فاجتمعا في طبرية وجلس كل منهما على سرير ، وجرت بينهما محاورات على أن الرملة ولاية لأبي تغلب ويقلع ابن الجراح منها «وأنا معين لك عليه» وقرر ذلك في نفسه ، وسار الفضل إلى دمشق يجبي الخراج ويفضه في الجند ، وزاد في العطاء ، وزاد في جنده وعسكره ، وسار عن دمشق وأخذ طريق الساحل ، وشرع أبو تغلب في أمره ، وتوجه نحو الرملة وقد اجتمع إليه بنو عقيل مع شبل بن معروف العقيلي ، فهرب ابن جراح (١٩ و) منها ، وجعل يحشد العرب ويحشد ثقة بمعونة الفضل له ، وكذلك أبو تغلب مثله أيضا ، فلما توجه الفضل على الساحل ونزل على عسقلان ، وقصد ابن جراح أبا تغلب بعسكره ، وسارت بنو عقيل وشبل بن معروف واصطفوا لقتال الطائيين (١) وأبو تغلب واقف في مصافه ، وعاد الفضل واجتمع مع ابن الجراح بعسكره ، وكان معه مغاربة كثيرة ، فقالوا لأبي تغلب : قد اجتمع عسكر الفضل مع عسكر ابن جراح؟ فقال : على هذا جرت الموافقة بيني وبينه ، فلما نظر المغاربة الذين كانوا مع أبي تغلب إلى مغاربة الفضل قد أقبلوا مع عسكر ابن جراح حملوا يريدون الدخول معهم ، فقالوا لأبي تغلب : إحمل في إثر هؤلاء من قبل أن يدهمك الأمر ، فبقي متحيرا وعلم أن الحيلة قد تمت عليه ، فلما حمل المغاربة الذين كانوا معه ساروا مع أصحابهم ، وأقبل العسكران على عسكر أبي تغلب فانهزم جميع من كان معه ، ثم انهزم هو ، فلم يدر في أي طريق يأخذ ، وكانت عدته في الغابة جميعها ، وذكر أنه لم يتقدم إليه رجل إلا ضربه ، ولم يزل على ذلك حتى تبعه رجل من أصحاب ابن جراح يقال له منيع فصاح إليه : يا انسان اسمع مني أنا
__________________
(١) في الأصل واصطلوا القتال للطائيين ، وهي عبارة فيها تصحيف وغموض دفع ناشر الكتاب إلى قراءة عبارة الطائيين «للطاس» ولعل ما أثبتناه هو الصواب.