الطرقات ، وجعل فيها من يخفر سالكيها ، وكانت العرب قد طمعت في عمل دمشق وأفسدت الغوطة ، وكان بها القائد أبو محمود واليها في ضعف ، وهو ضميمة لقسام فهلك في دمشق في سنة سبعين وثلاثمائة ، وكان بكجور قد ضمن أعمال المغاربة : قارا ، ويبرود و، معلولا ، والتينة ، وصيدنايا ، والمعرة وتلفيتا (١) وغيرها من ضياع جبل سنير (٢) فحماها من العرب والحرامية ، وحسنت حال دمشق بذلك ، وكاتب بكجور العزيز في ترغيبه في الأجناد حملة السلاح ، فاجتمع إليه حين فعل ذاك الخلق الكثير من سائر البلاد ، وكانوا حوله إذا ركب من داره ، فقهر بهم المغاربة ، واستظهر عليهم في سنة سبعين وثلاثمائة (٣).
وفيها وردت الأخبار بوفاة الملك عضد الدولة فناخسره بن بويه في يوم الاثنين ثامن شوال ، وكتم أمره ، وكانت مدته بالعراق خمس سنين ونصفا ، وانتهى ذلك إلى الوزير ابن كلس ، فدخل على العزيز فأعلمه فسر بذلك. وخلع عليه ، وأمنوا بعد وفاته وعملوا على الخروج إلى الشام (٤).
__________________
(١) ما تزال جميعا معروفة بهذه الأسماء في محافظة ريف دمشق في سورية.
(٢) هو جبل القلمون الحالي. غوطة دمشق ١٤.
(٣) قامت دولة الفاطميين على عواتق قبيلة كتامة البربرية ، ولدى سيطرة الخلافة الفاطمية على الشمال الافريقي ازداد حجم جيشها بدخول بربر من غير كتامة فيه ، كما اشترى الخلفاء [أو ورثوا عن الأغالبة] عددا صغيرا من الأرقاء الصقالبة واستخدموهم في الجيش ووصل بعض هؤلاء إلى مراتب قيادية مثل جوهر ، وعند ما تم الاستيلاء على مصر وبعد انتقال الخليفة المعز إليها ظل عماد الجيش الفاطمي البربر ، وبرهن هذا الجيش عن عجزه في حروب الشام والصراع مع القرامطة ، مما دفع الخليفة العزيز إلى التفكير بتجنيد بعض الأتراك وسواهم ، ولهذا رأينا مدى حرصه على ألفتكين ، ومن هنا نفهم كيف حدث اغتيال ألفتكين بسرعة مدهشة ، ويلاحظ نجاح العزيز في تأسيس كتائب من الترك والديلم ، وقيامه بتجنيد اعداد كبيرة من زنوج أفريقية ، ومنح هذا التنويع بعض الفوائد للخلافة الفاطمية إنما سبب لها العديد من الأزمات الخطيرة أيضا.
(٤) كان عضد الدولة أعظم رجالات الدولة البويهية ، ولقد أخذ ملك بني بويه بعد وفاته في الانحدار وقوتهم بالضعف ، والمفيد الاشارة إليه هنا أن وفاة عضد الدولة كانت سنة ٣٧٢ ه / ٩٨٣ م وليس سنة ٣٧٠ كما ورد هنا. انظر مسكويه : ٢ / ٤١٧. ذيل تجارب الأمم : ٣ / ٥٣ ـ ٧٥. المنتظم لابن الجوزي : ٧ / ٣٨ ـ ١١٨. تاريخ ابن خلدون. ط بيروت : ٤ / ٩٤٧ ـ ٩٧٥.