المشايخ إلى بلتكين القائد وأعلموه الخطاب والجواب فأجابهم إلى ما طلب ، وقال لهم : نريد أن ننزل على هذا البلد في هذا اليوم ، فقالوا : افعل ما تحب وتوثر فولى البلد حاجبا يقال له خطلج في خيل ورجل فدخل المدينة من يومه ، وكان مبدأ الحرب في هذه النوبة يوم الخميس لعشر بقين من المحرم سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة والدخول إلى البلد يوم الخميس لثلاث بقين منه ، ولم يعرض لقسام ولا لأحد من أصحابه ، وتفرق أصحابه عنه ، وأقام يومين واستتر ، وقيل هرب فصاروا إلى داره وأخذوا ما فيها وحولها من دور أصحابه ، وطلب ، فلم يوجد ، ونودي عليه وبذل لمن يظهره خمسون ألف درهم ، ولمن يدل على مكان [أولاده](١) عشرون ألفا ، فقال لهم قائل : «هو في كنيسة اليهود بين البطاين» فجاؤوا إلى الديان وقالوا : نريد أن نخرب هذه الكنيسة أو نحرقها بالنار فإن قساما فيها ، فأصعدهم ، ودار بهم فيها فلم يروا أثرا ولا عرفوا له خبرا ، فلما أخذت امرأته وولده ، قالت لمن سمع منها : ما تنتظر يا مشوم ، وكان عندها رجل في الحائر (٢) ولم يفطن به أحد ، فخرج في الليل إلى العسكر ، فوقف على خيمة منشا الكاتب ، وقال : رجل يريد أن يدخل إلى الرئيس ، فقالوا : ومن هو؟ قال : قسام ، فدخل عليه على غير أمان ، فبعث إلى القائد بلتكين فأعلمه فأخذه إليه وأدخله عليه ، وحملوه إلى خيمة ، وقالوا له : مد رجلك ، فقال : ما أفعل أنا جئتكم بأمان ، فأخرج الحاجب الدبوس فضربه به ، فمد رجله فقيد وحمل إلى مصر ، فعفي عنه لما جاءهم في الامان ، وكان قسام هذا أصله من قرية بجبل سنير يقال لها تلفيتا (٣) من قوم يقال لهم الحارثيون بطن من العرب نشأ بدمشق ، وكان يعمل في التراب ، ثم إنه صحب رجلا يقال له ابن الجسطار من مقدمي الأحداث وحملة السلاح وطالبي الشر ، فصار من حزبه وتزايد أمره إلى ما انتهى إليه.
__________________
(١) في الأصل مكانه والتقويم من اتعاظ الحنفاء : ١ / ٢٥٨ وحسب سياق بقية الخبر.
(٢) أي البستان أو ما يشبه ذلك من الأمكنة المضروب حولها جدار أو سور.
(٣) ما زال قبره معروفا بها باسم سيدي قسيم.