يقال له زهير (١) فقتله ، وسار عنها فنزل حلب سنة ست وستين وثلاثمائة فأقام عليها تقدير أربعة أشهر ، ثم تسهل له فتحها بحيلة عملها ، وتحصن بكجور في القلعة فراسله أبو المعالي فطلب منه الأمان فأمنه ، فقال بكجور : أريد يتوسط بيني وبينك وجوه البلد من بني كلاب ، فأجابه إلى ذلك فتوسطوا الأمر بينهما ، وأخذوا له العهد والميثاق والأمان على نفسه وولده وماله وأنه لا يغدر به ويوليه حمصا على أنه ينحدر من القلعة ويسلمها ، ولا يأخذ منها شيئا إلا ما لا بد منه ، فأجابه إلى ذلك ، فولاه حمصا لما نزل من القلعة وسلمها ، ووفى له بكل ما عاهده عليه ، وسار بكجور إلى حمص في السنة المذكورة ، وصرف همه إلى عمارتها وكان أمره كل يوم فيها إلى الزيادة بعد الدخول إليها في الضعف ، واتفق له أن أعمال دمشق من حوران والبثنية قد اختلت وخربت على ما تقدم ذكره من قلة القوت بها وغلاء السعر فيها ، وجلا منها خلق كثير إلى حمص فعمر البلد وكثر الناس عنده.
وكان في بكجور جور ، وكان مجتهدا في العمارة (٢٢ و) وأمن السبل والطرق ، فلما انقطعت الغلات عن دمشق ، ومات بها كثير من الناس جوعا من أهل حوران والبثنية ورغب الناس الجالبون منها في حمل الغلة إلى دمشق ، مكنهم من ذلك ، وحمى لهم الطرق في ترددهم بادين وعائدين ، فحسن حال حمص ، وكثر السفر إليها ومنها ، وكانت العرب قد طمعت في أعمال دمشق ، وكان واليها القائد أبو محمود بن جعفر في ضعف وقسام غالب عليه ، واتفق وفاة أبي محمود إبراهيم بن جعفر المذكور بدمشق في صفر سنة سبعين وثلاثمائة ، وكان بكجور قد ضمن أعمال المغاربة على ما تقدم ذكره وحماها من العرب ، وحسنت حال دمشق بحمل الغلات إليها في تلك الشدة ، وكان بكجور يكاتب العزيز بالله بمصر وورد الجواب عليه بأن «تصير إلى بابنا لنوليك دمشق»
__________________
(١) هو زهير الحمداني في زبدة الحلب : ١ / ١٧٠ ـ ١٧١.