في المغالاة فيه وتوفيته بعض ما يستحق ، وعندي أنه لم ينتقل عن مذهبه إلّا في الصورة الظاهرة والله أعلم.
ومع هذا فكان له القبول التام من الخاص والعام من أهل الدنيا وأهل الآخرة ، وكان لطيف الشمائل ، ظريف الحركات ، حسن المعاملة لسائر الناس ، محبوبا إليهم معظما في صدورهم ، وكان عنده فضيلة تامة ومشاركة في العلوم جمة ، ولو لم يكن من ذلك إلا التاريخ الذي ألفه وسماه بمرآة الزمان ، وهو بخطه في سبعة وثلاثين مجلدا ، جمع فيه أشياء مليحة جدا ، وأودعه كثيرا من الأحاديث الشريفة النبوية صلوات الله وسلامه على قائلها ، وجملة من أخبار الصالحين ، وقطعة كبيرة من الأشعار المستحسنة وسلك في جمعه مسلكا غريبا ، وهو من أول الزمان إلى أوائل سنة أربع وخمسين وستمائة ، هذه السنة التي توفي فيها إلى رحمة الله تعالى ، وكنت اختصرته كما ذكرت في خطبة هذا المذيل ، ثم خطر لي أن أذيل عليه ، فشرعت في تعليق الحوادث والوفيات حسب ما نمي إلى علمي ، لاستقبال هذه السنة ، وبالله التوفيق والله المستعان.
وللشيخ شمس الدين المذكور رحمهالله تصانيف أخر مفيدة ، في أنواع من علوم شتى ، ومولده سنة إحدى وثمانين وخمسمائة تقريبا ، وذكر قاضي القضاة شمس الدين أحمد بن خلكان رحمهالله عنه أنه قال : ذكرت والدتي أن مولدي في سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة ، وقال لي خالي محيي الدين يوسف : أنه في سنة احدى وثمانين ، قال : وكان مولدي في رجب ، سمع ببغداد من جده الإمام أبي الفرج وعبد المنعم بن عبد الوهاب بن كليب ، وأبي محمد عبد الله بن أحمد بن أبي المجد ، وأبي حفص عمر بن محمد بن طبرزد ، والحافظ أبي محمد بن عبد العزيز بن محمود بن الأخضر ، وغيرهم ، وبالموصل من أبي طاهر أحمد ، وأبي القاسم عبد المحسن ابني عبد الله الطوسي وغيرهما ، وبدمشق من شيخ الإسلام موفق الدين أبي محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة