المقدسي ، ومن العلامة أبي اليمن زيد بن الحسن الكندي وغيرهما ، وسمع بغير هذه البلاد من جماعة من المشايخ ، وحدث بدمشق ، وبالديار المصرية وغيرها ، وكان أحد العلماء المشهورين ، محمود الفضائل ، وتوفي ليلة الثلاثاء ثلث الليل العشر من ذي الحجة أو الحادي والعشرين منه بمنزله بجبل الصالحية ، ظاهر دمشق ، ودفن هناك ، وحضر جنازته الملك الناصر صلاح الدين يوسف رحمهالله سلطان الشام ، إذ ذاك وسائر الأمراء والأكابر ، وغيرهم من الناس ، ودرس بالمدرسة الشبلية مدة وبالمدرسة البدرية الحسنية ، وبالمدرسة المعزية التي على شرف الميدان من جهة الشمال ، وكان إماما عالما فاضلا منقطعا عن الناس ، والتردد إليهم ، متواضعا لين الكلمة لزم في آخر عمره ركوب الحمار من منزله بالجبل إلى مدرسته ، وإلى غيرها مقتصدا في لباسه ، مواظبا على المطالعة والاشتغال والتصنيف ، منصفا لأهل العلم والفضل مباينا لأهل الزيغ والجهل ، ويأتي الملوك وأرباب الدول إلى بابه زائرين وقاصدين ومتأنسين بمحادثته ، والإقتباس من فوائده ، وعاش طول عمره في جاه طويل عريض ، وعيش رقيق الحواشي ، جعل الله ذلك مواصلا بنعيم الآخرة وسعادتها السرمدية ، وولده عز الدين كان عنده فضيلة ووعظ بعده ، فلم يكن يدانيه في ذلك ، وبقي سنيات يسيرة ثم توفي إلى رحمة الله تعالى ، وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى ، وخلف ولدا صغيرا فلم يكن له من يربيه ، ويقوم بأمره ، فنشأ على غير طريقة سلفه ، وخدم بعض ذرية الملك المعظم عيسى رحمهالله كاتبا وغيرهم ، وهو إلى الآن على ذلك.
أبو الحسن يوسف بن أبي الفوارس بن موسك ، الأمير سيف الدين القيمري ، واقف المارستان بجبل الصالحية ومدفنه في القبة المقابلة له من جهة الشمال ، بينهما الطريق ، كان أكبر الأمراء في آخر عمره وأعظمهم مكانة ، وأعلاهم همة ، وجميع أمراء الأكراد من القيمرية وغيرهم يتأدبون