مضى إلى الشيخ نجم الدين الباذرائي فاستجار به ، وسأله أن يتوجه صحبته إلى العراق ، فأجابه فتوجه ومعه جماعة من أولاده ، فلما وصلوا حلبا ، وكان بها الملك العزيز غياث الدين محمد بن الملك الناصر يوسف ، وكان أبوه قد أرسله إلى ملك التتر ، فورد إلى الملك العزيز ومن معه بكتاب الملك الناصر يوسف بأن تشيروا على الشيخ نجم الدين الباذرائي أن لا يستصحب الملك الناصر داود معه ، وأنهم يتحيلون في انقطاعه عنه ، ويقبضون عليه ، فلما خرج الشيخ نجم الدين متوجها إلى العراق ، ومعه الملك الناصر داود ، خرج الملك العزيز وجماعة من أعيان الدولة لوداعه ، وتقدم إليه بعضهم وحدثه في ذلك وأحس الناصر داود بالقضية ، فتقدم إلى الشيخ نجم الدين ، وأخذ بذيله وقال : معاذ الله أن يمنعني مولانا من قصد الأبواب الشريفة والاستظلال بظلها ، وأنا معي كتاب السلطان الملك الناصر لما كنت المرة الأولى بالعراق أنه يقرر لي كل سنة مائة ألف درهم ، ويأذن لي في التوجه إلى حيث شئت ، ولم يصل إليّ منه ذلك ، وأخرج خط الملك الناصر يوسف فقال الباذرائي : هذا قد استجار بالديوان ، وطلب التوجه إلى الخدمة الشريفة ، فما يسعني منعه ، ومعه خط الملك الناصر أنه لا يمنع من ذلك فرجعت الجماعة إلى حلب وسافر الملك الناصر داود ، فلما وصلوا قرقيسيا خاف الشيخ نجم الدين أن يصل به إلى العراق من غير تقدم ، فأشار عليه أن يقيم بقرقيسيا حتى يأخذ له دستورا بالوصول ، فأقام بها وأبطأ عليه الأذن ، فعدا الفرات إلى جهة الشام متوجها إلى تيه بني إسرائيل ، واجتمع عليه جماعة من العرب ، ثم كان من أمره ما سنذكره إن شاء الله تعالى ...
فصل
وفيها توفي أيبك بن عبد الله الصالحي الملك المعز عز الدين ، المعروف بالتركماني ، كان في بداية أمره مملوكا للملك الصالح نجم الدين أيوب ، اشتراه في حياة أبيه الملك الكامل ، وتنقلت به الأحوال عنده ، ولازمه في