عقلا بإتيان الأكثر ، لتنجّزه به حيث تعلّق بثبوته فعلا (١).
[القول بالبراءة وما فيه]
وتوهّم «انحلاله إلى العلم بوجوب الأقلّ تفصيلا والشكّ في وجوب الأكثر بدوا ، ضرورة لزوم الإتيان بالأقلّ لنفسه شرعا أو لغيره كذلك (٢) أو عقلا ، ومعه (٣) لا يوجب تنجّزه لو كان متعلّقا بالأكثر» (٤) فاسد
__________________
(١) توضيحه : أنّ المكلّف يعلم إجمالا بثبوت التكليف بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين ، والعلم الإجماليّ منجّز للتكليف ، فالاشتغال اليقينيّ بالتكليف معلوم ، وهو يقتضي لزوم تحصيل العلم بفراغ الذمّة ، ولا يحصل العلم بالفراغ إلّا بالإتيان بالأكثر ، فلا مناص من الاحتياط.
(٢) أي : شرعا.
(٣) أي : مع الانحلال.
(٤) هذا ما أفاده الشيخ الأعظم الأنصاريّ في فرائد الاصول ٢ : ٣٢٢ ، حيث قال : «وبالجملة : فالعلم الإجماليّ غير مؤثّر في وجوب الاحتياط ، لكون أحد طرفيه معلوم الإلزام تفصيلا والآخر مشكوك الإلزام رأسا». وتوضيحه : أنّ الأقلّ واجب يقينا بالوجوب الجامع بين الوجوب النفسيّ والوجوب الغيريّ ، إذ لو كان الواجب في الواقع هو الأقلّ فيكون الأقلّ واجبا نفسيّا ، ولو كان الواجب في الواقع هو الأكثر فيكون الأقلّ واجبا غيريّا ، فالتكليف بالنسبة إلى الأقلّ منجّز على كلّ تقدير. بخلاف الأكثر ، فإنّ أمره دائر بين أن يكون واجبا فيما إذا كان مشكوك الجزئيّة جزءا للمامور به واقعا وبين أن لا يكون واجبا فيما إذا لم يكن جزءا للمامور به واقعا ، فيكون الشكّ بالنسبة إلى الأكثر بدويّا ، فلا يكون التكليف بالنسبة إليه منجّزا ، بل هو مجرى قاعدة العقاب بلا بيان.
وقد اختلفت كلمات الأعلام حول تقريب الانحلال ، نكتفي بذكر ما أفاده المحقّقان الأصفهانيّ والعراقيّ.
أمّا المحقّق الاصفهانيّ : فقرّبه بما حاصله : أنّ الأجزاء في الواجب لا تكون واجبة بالوجوب الغيري المقدّميّ ، بل هناك وجوب نفسيّ واحد منبعث عن إرادة نفسيّة واحدة منبّعة عن غرض واحد قائم بالأجزاء بالأسر الّتي هي عين الكلّ ، فهذا الوجوب النفسيّ الشخصيّ المعلوم أصله منبسط على تسعة أجزاء ـ مثلا ـ بتعلّق واحد ، وانبساطه بغير ذلك التعلّق على الجزء العاشر المشكوك غير معلوم ، فإذن يكون التكليف بالمقدار المعلوم انبساط الوجوب النفسيّ عليه فعليّا منجّزا ، وبالمقدار الآخر المجهول انبساطه عليه لا مقتضي لفعليّته وتنجّزه. وبما أنّ التكليف المتعلّق بالأقلّ هو الوجوب النفسيّ الّذي يترتّب الثواب والعقاب على ـ