قطعا (١) ، لاستلزام الانحلال المحال ، بداهة توقّف لزوم الأقلّ فعلا ـ إمّا لنفسه أو لغيره ـ على تنجّز التكليف مطلقا ولو كان متعلّقا بالأكثر ، فلو كان لزومه كذلك مستلزما لعدم تنجّزه (٢) إلّا إذا كان متعلّقا بالأقلّ كان خلفا (٣).
__________________
ـ مخالفته وموافقته ، فلا تتوقّف فعليّته وتنجّزه على تكليف آخر غير معلوم الحال.
نعم ، لا يعلم أنّ ذات الأقلّ بحسب الفعليّة تمام المنبسط عليه واقعا أو بعضه. لكن عدم العلم به لا يخرج الأمر المتعلّق به عن النفسيّة والفعليّة. نهاية الدراية ٢ : ٦٢٧ ـ ٦٢٨.
وأمّا المحقّق العراقيّ : فقرّبه بوجه آخر ، حاصله : أنّ وصف الأقلّيّة أو الأكثريّة للواجب انّما يكون باعتبار حدّ التكليف من حيث وقوفه على الأقلّ أو شموله وانبساطه على الجزء المشكوك ، فالاختلاف بين الأقلّ والأكثر ليس ناشئا من اختلاف الوجوب المتعلّق بالأقلّ مع الوجوب المتعلّق بالأكثر ، بل الوجوب المتعلّق بالأقلّ لا يتغيّر ، سواء انبسط الوجوب على الأكثر في الواقع أو لم ينبسط عليه ؛ وانّما الاختلاف ناشئ من أنّ حدّ التكليف غير معلوم. وعليه فالشكّ بين الأقلّ والأكثر يرجع إلى الشكّ في أنّ شخص التكليف المنبسط على الأجزاء هل يكون محدودا بحدّ يشمل الجزء المشكوك أو يكون بحدّ لا يشمله؟ وهذا نظير الخط القصير والخط الطويل ، فإنّه إذا رسم الخط القصير ثمّ اضيف إليه ما يوجب ازدياد طوله لم يختلف واقع الخط القصير عمّا كان عليه قبل الزيادة. فالشكّ في المقام يرجع إلى الشكّ في ثبوت الزيادة على المقدار الأقلّ وعدمه. وظهر أنّ وجوب الأقلّ معلوم بالتفصيل ، سواء انبسط على الزائد أو لم ينبسط ، فلا شكّ في وجوب الأقلّ ، وانّما الشكّ في انبساط الوجوب على الجزء الزائد المشكوك ، وهو شكّ بدويّ ، والمرجع فيه البراءة. نهاية الأفكار ٣ : ٣٨١ ، هامش فوائد الاصول ٤ : ١٥٢ ـ ١٥٣.
وقد ذكروا لتقريب الانحلال وجوها أخر. ولا يهمّ التعرّض لها. وإن شئت فراجع المطوّلات.
(١) خبر لقوله : «توهّم».
(٢) أي : فلو كان لزوم الأقلّ مطلقا ـ ولو كان متعلّقا بالأكثر ـ مستلزما لعدم تنجّز التكليف ....
(٣) تقرير الخلف : أنّ انحلال العلم الإجماليّ بالتكليف موقوف على تنجّز التكليف في بعض الأطراف على كلّ تقدير ، سواء كان التكليف في الواقع متعلّقا به أو بأطراف أخر ، فحينئذ يتبدّل العلم الاجماليّ به إلى علم تفصيليّ بالتكليف في ذلك الطرف وشكّ بدويّ في الآخر.
وعليه فانحلال العلم الإجماليّ في المقام وإثبات عدم تنجّز التكليف بالنسبة إلى الأكثر موقوف على تنجّز التكليف في الأقلّ على كلّ تقدير ، سواء كان الوجوب في الواقع متعلّقا بالأقلّ أو بالأكثر ، فلو كان تنجّز التكليف في الأقلّ كذلك ـ أي على كلّ تقدير ـ مستلزما لعدم تنجّزه في الأكثر كان خلفا ، وهو محال.