[اعتبار اتّحاد القضيّة المشكوكة والمتيقّنة]
وكيف كان ، فقد ظهر ممّا ذكرنا في تعريفه اعتبار أمرين في مورده : القطع بثبوت شيء ، والشكّ في بقائه.
ولا يكاد يكون الشكّ في البقاء إلّا مع اتّحاد القضيّة المشكوكة والمتيقّنة بحسب الموضوع والمحمول. وهذا (١) ممّا لا غبار عليه في الموضوعات الخارجيّة في الجملة (٢).
وأمّا الأحكام الشرعيّة ، سواء كان مدركها العقل أم النقل ، فيشكل حصوله
__________________
ـ وذهب المحقّق النائينيّ إلى التفصيل بين الاستصحابات الجارية في الشبهات الحكميّة فتكون من المسائل الاصوليّة ، وبين الجارية في الشبهات الموضوعيّة فتكون من القواعد الفقهيّة. فوائد الاصول ٤ : ٣٠٧ ـ ٣١٢.
واختار بعض المحقّقين أنّ الاستصحاب من القواعد الفقهيّة. منهم العلّامة المحشّي المشكينيّ في حاشية الكفاية ٤ : ٣٨٢ ، والسيّد المحقّق الخوئيّ في دراسات في الاصول ٤ : ٨ ـ ٩ ومصباح الاصول ٣ : ٦.
(١) أي : اعتبار اتّحاد القضيّة المتيقّنة والمشكوكة.
(٢) لعلّه إشارة إلى بعض التفاصيل في جريان الاستصحاب في الموضوعات الخارجيّة ، حيث يعتبر اتّحاد القضيّتين في بعض الموارد ، وأمّا في مقابليها فلا يجري الاستصحاب كي يقال باعتبار اتّحاد القضيّتين.
منها : التفصيل بين ما إذا كان الشكّ في بقاء الموضوع الخارجيّ من جهة الشكّ في المقتضي ، كالشكّ في حياة زيد من جهة الشكّ في انقضاء استعداده للبقاء ، وبين ما إذا كان الشكّ فيه من جهة الشكّ في الرافع ، كالشكّ في حياته من جهة الشكّ في قتله ؛ فلا يجري الاستصحاب في الأوّل ، ويجري في الثاني. ذهب إليه المحقّق التبريزيّ في أوثق الوسائل : ٥٣٢.
ومنها : التفصيل بين ما إذا كانت الموضوعات من الموضوعات المستنبطة ـ وهي مفاهيم الألفاظ ، مثل كون الصعيد مطلق وجه الأرض ـ ، وبين ما إذا كانت من الموضوعات الصرفة ـ وهي المصاديق الخارجيّة للمفاهيم الكلّيّة ـ ؛ فلا يجري الاستصحاب في الأوّل ، ويجري في الثاني. وهذا ما نسبه الشيخ الأعظم إلى بعض مشايخه. راجع الحاشية على استصحاب القوانين : ٢٢٢.