[٢ ـ الاستدلال بحصول الظنّ بالبقاء ، وما فيه]
الوجه الثاني : أنّ الثبوت في السابق موجب للظنّ به في اللاحق.
وفيه : منع اقتضاء مجرّد الثبوت للظنّ بالبقاء فعلا ولا نوعا ، فإنّه لا وجه له أصلا إلّا كون الغالب فيما يثبت أن يدوم ، مع إمكان أن لا يدوم ، وهو غير معلوم. ولو سلّم ، فلا دليل على اعتباره بالخصوص مع نهوض الحجّة على عدم اعتباره بالعموم.
[٣ ـ الاستدلال بالإجماع ، وما فيه]
الوجه الثالث : دعوى الإجماع عليه ، كما عن المبادئ ، حيث قال : «الاستصحاب حجّة ، لإجماع الفقهاء على أنّه متى حصل حكم ، ثمّ وقع الشكّ في أنّه طرأ ما يزيله أم لا ، وجب الحكم ببقائه على ما كان أوّلا ؛ ولو لا القول بأنّ الاستصحاب حجّة لكان ترجيحا لأحد طرفي الممكن من غير مرجّح» ، انتهى (١).
وقد نقل عن غيره (٢) أيضا.
وفيه : أنّ تحصيل الإجماع في مثل هذه المسألة ـ ممّا له مبان مختلفة ـ في غاية الإشكال ، ولو مع الاتّفاق ، فضلا عمّا إذا لم يكن وكان مع الخلاف من المعظم ، حيث ذهبوا إلى عدم حجّيّته مطلقا أو في الجملة ؛ ونقله موهون جدّا لذلك ، ولو قيل بحجّيّته لو لا ذلك.
__________________
ـ الأخذ بالحالة السابقة انّما هو من باب جريان الأصل في ظرف الجهل بالواقع ، فلا يلازم القول بعدم صلاحيّة الآيات للرادعيّة عن بنائهم هناك للقول به في المقام أيضا. نهاية الأفكار ٤ : ٣٤ ـ ٣٧.
وذهب السيّد المحقّق الخوئيّ إلى عدم صحّة الاستدلال ببناء العقلاء من جهة منع الصغرى لا من جهة منع الكبرى ، فراجع كلامه في موسوعة الإمام الخوئيّ (مصباح الاصول) ٤٨ : ١١ ـ ١٢.
(١) مبادئ الوصول إلى علم الاصول : ٢٥١.
(٢) كصاحب المعالم والفاضل الجواد على ما نقل عنهما الشيخ في فرائد الاصول ٣ : ٥٤.