[فساد كلام البهبهانيّ في تقديم الجهتيّ على الصدوريّ]
وانقدح بذلك أنّ حال المرجّح الجهتيّ حال سائر المرجّحات في أنّه لا بدّ في صورة مزاحمته مع بعضها من ملاحظة أنّ أيّهما فعلا موجب للظنّ بصدق ذيه بمضمونه (١) أو الأقربيّة كذلك إلى الواقع ، فيوجب ترجيحه وطرح الآخر ؛ أو أنّه لا مزيّة لأحدهما على الآخر ، كما إذا كان الخبر الموافق للتقيّة بما له من المزيّة مساويا للخبر المخالف لها بحسب المناطين ، فلا بدّ حينئذ من التخيير بين الخبرين.
فلا وجه لتقديمه على غيره ، كما عن الوحيد البهبهاني قدسسره (٢) وبالغ فيه (٣) بعض أعاظم المعاصرين «أعلى الله درجته» (٤).
[ما أفاد الشيخ الأنصاريّ في تقديم غير الجهتيّ ، والإيراد عليه]
ولا لتقديم غيره عليه ، كما يظهر من شيخنا العلّامة «أعلى الله مقامه» ، قال : «أمّا لو زاحم الترجيح بالصدور الترجيح من حيث جهة الصدور ـ بأن كان الأرجح صدورا موافقا للعامّة ـ فالظاهر تقديمه على غيره ، وإن كان مخالفا للعامّة ـ بناء على تعليل الترجيح بمخالفة العامّة باحتمال التقيّة في الموافق ، لأنّ هذا الترجيح ملحوظ في الخبرين بعد فرض صدورهما قطعا كما في المتواترين ، أو تعبّدا كما في الخبرين بعد عدم إمكان التعبّد بصدور الآخر ، وفيما نحن فيه يمكن ذلك بمقتضى أدلّة الترجيح من حيث الصدور.
إن قلت : إنّ الأصل في الخبرين الصدور ، فإذا تعبّدنا بصدورهما اقتضى ذلك
__________________
(١) هكذا في النسخ. والأولى أن يقول : «موجب للظنّ بصدق مضمون ذيه».
(٢) راجع الفوائد الحائريّة «الفائدة الإحدى والعشرون» : ٢١٩ ـ ٢٢٠.
(٣) أي : بالغ في تقديم المرجّح الجهتيّ على المرجّح الصدوريّ.
(٤) وهو المحقّق الرشتيّ في بدائع الأفكار : ٤٥٥ و ٤٥٧.