فصل
[في مبادئ الاجتهاد]
لا يخفى احتياج الاجتهاد إلى معرفة العلوم العربيّة في الجملة ، ولو بأن يقدر على معرفة ما يبتني عليه الاجتهاد في المسألة بالرجوع إلى ما دوّن فيه ، ومعرفة التفسير كذلك.
وعمدة ما يحتاج إليه هو علم الاصول ، ضرورة أنّه ما من مسألة إلّا ويحتاج في استنباط حكمها إلى قاعدة أو قواعد برهن عليها في الاصول ، أو برهن عليها مقدّمة في نفس المسألة الفرعيّة ، كما هو طريقة الأخباريّ.
وتدوين تلك القواعد المحتاج إليها على حدة لا يوجب كونها بدعة. وعدم تدوينها في زمانهم عليهمالسلام لا يوجب ذلك ، وإلّا كان تدوين الفقه والنحو والصرف بدعة.
وبالجملة : لا محيص لأحد في استنباط الأحكام الفرعيّة من أدلّتها إلّا الرجوع إلى ما بني عليه في المسائل الاصوليّة ، وبدونه لا يكاد يتمكّن من استنباط واجتهاد ، مجتهدا كان أو أخباريّا.
نعم ، يختلف الاحتياج إليها بحسب اختلاف المسائل والأزمنة والأشخاص ، ضرورة خفّة مئونة الاجتهاد في الصدر الأوّل وعدم حاجته إلى كثير ممّا يحتاج إليه في الأزمنة اللاحقة ممّا لا يكاد يحقّق ويختار عادة إلّا بالرجوع إلى ما دوّن فيه من الكتب الاصوليّة.