لعدم القطع به سابقا إلّا على ما تكلّفنا في بعض تنبيهات الاستصحاب ، فراجع (١).
ولا دليل على حجّيّة رأيه السابق في اللاحق.
وأمّا بناء على ما هو المعروف بنيهم ـ من كون قضيّة الحجّيّة الشرعيّة جعل مثل ما أدّت إليه من الأحكام الواقعيّة التكليفيّة أو الوضعيّة شرعا في الظاهر ـ : فلاستصحاب ما قلّده من الأحكام وإن كان مجال بدعوى بقاء الموضوع عرفا ، لأجل كون الرأي عند أهل العرف من أسباب العروض لا من مقوّمات المعروض ، إلّا أنّ الإنصاف عدم كون الدعوى خالية عن الجزاف ، فإنّه من المحتمل ـ لو لا المقطوع ـ أنّ الأحكام التقليديّة عندهم أيضا ليست أحكاما لموضوعاتها بقول مطلق ، بحيث عدّ من ارتفاع الحكم عندهم من موضوعه بسبب تبدّل الرأي ونحوه ، بل إنّما كانت أحكاما لها بحسب رأيه ، بحيث عدّ من انتفاء الحكم بانتفاء موضوعه عند التبدّل. ومجرّد احتمال ذلك يكفي في عدم صحّة استصحابها ، لاعتبار إحراز بقاء الموضوع ولو عرفا ، فتأمّل جيّدا.
هذا كلّه مع إمكان دعوى أنّه إذا لم يجز البقاء على التقليد بعد زوال الرأي بسبب الهرم أو المرض إجماعا لم يجز في حال الموت بنحو أولى قطعا ، فتأمّل.
[الثاني : إطلاق الأدلّة اللفظيّة]
ومنها : إطلاق الآيات الدالّة على التقليد (٢).
__________________
(١) راجع التنبيه الثاني من تنبيهات الاستصحاب ، الصفحة : ٢١٣ ـ ٢١٥ من هذا الجزء.
(٢) وهي قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى ...) البقرة / ١٥٩ ، وقوله تعالى : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ ...) التوبة / ١٢٢ ، وقوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ) النحل / ٤٣. فإنّ آية الكتمان تدلّ على وجوب إظهار أحكام الله وحرمة كتمانها ، وهو يلازم وجوب القبول مطلقا ، سواء كان مظهرها حيّا أم ميّتا. وآية النفر تدلّ بإطلاقها على وجوب الحذر بإنذار المنذر ، سواء بقي المنذر حيّا إلى زمان عمل المنذر أم مات. وآية السؤال تدلّ على وجوب القبول عن المسئول ، وإلّا يلزم وجوب السؤال ، من دون فرق بين أن يكون المسئول حيّا أم ميّتا.