[تعميم محلّ النزاع]
ثمّ إنّ مورد هذه الوجوه وإن كان ما إذا لم يكن واحد من الوجوب والحرمة على التعيين تعبّديّا ، إذ لو كانا تعبّديّين أو كان أحدهما المعيّن كذلك لم يكن إشكال في عدم جواز طرحهما والرجوع إلى الاباحة ، لأنّها (١) مخالفة عمليّة قطعيّة ـ على ما أفاد شيخنا الأستاذ «قدسسره» (٢) ـ ، إلّا أنّ الحكم أيضا فيهما إذا كانا كذلك هو التخيير عقلا بين إتيانه على وجه قربيّ ـ بأن يؤتى به بداعي احتمال طلبه ـ وتركه كذلك ، لعدم الترجيح ، وقبحه بلا مرجّح.
فانقدح أنّه لا وجه لتخصيص المورد بالتوصّليّين بالنسبة إلى ما هو المهمّ في المقام ، وإن اختصّ بعض الوجوه (٣) ، كما لا يخفى.
[تقديم محتمل الأهميّة]
ولا يذهب عليك أنّ استقلال العقل بالتخيير إنّما هو فيما لا يحتمل الترجيح في أحدهما على التعيين. ومع احتماله لا يبعد دعوى استقلاله بتعيّنه (٤) ، كما هو الحال في دوران الأمر بين التخيير والتعيين في غير المقام (٥). ولكنّ الترجيح إنّما
__________________
(١) تعليل لقوله : «لم يكن إشكال». والضمير يرجع إلى الإباحة.
(٢) فرائد الاصول ٢ : ١٧٩.
(٣) وهو القول بالإباحة الظاهريّة.
(٤) أي : استقلال العقل بتعيّن محتمل الترجيح.
(٥) والحاصل : أنّ التخيير العقليّ في المقام مقيّد بما إذا لم يحتمل مزيّة أحدهما على الآخر ، فضلا عن العلم بها ، وإلّا فلا يبعد دعوى استقلال العقل بتعيّن محتمل الأهمّيّة ، فضلا عن معلومها.
وخالفه الأعلام الثلاثة ، بل السيّدان العلمان : الخمينيّ والخوئيّ.
فاختار الأعلام الثلاثة الحكم بالتخيير في المقام ، واختار السيّد الخوئيّ الحكم بالبراءة مطلقا ، واختار السيّد الإمام الخمينيّ جريان البراءة عن التعيينيّة إلّا فيما إذا كان أقوائيّة المحتمل بحيث يكون لازم الاحتياط عقلا أو شرعا ، كما لو دار الأمر بين كون المرأة زوجته الّتي حلف على وطئها وبين كونها أمّه ، فحينئذ يجب الاحتياط. راجع فوائد الاصول ٣ : ٤٥ ، ـ