مناخرهم وآذانهم الثوم ، وتدثروا بكل عناية. والأسلوب الأخير ، أي التدثر من الرأس بالذات هو الوسيلة الوحيدة ، كما اقتنعت ، للتخفيف بعض الشيء من العذاب حين تهب السأم. ويروون حوادث فتكت فيها السأم بعدد كبير من الناس ؛ وفي المرة الأخيرة ، في سنة ١٨٩٥ ، أخذ الحجاج في المدينة المنورة يعتزمون الذهاب إلى مكة ، ونقلوا أمتعتهم إلى ضواحي المدينة ، وإذا سأم تهب ؛ وبعد بضع ساعات ، لمّوا عشرات الموتى في الشارع.
ويقول الأطباء أن نسبة الوفيات في مكة والمدينة المنورة تزداد كثيرا حين تهب السأم. ولكن العرب يعتقدون أن هذه الريح ضرورية لأجل نضج البلح.
وللحجاز فصلان في السنة : الشتاء البارد نسبيّا ، من منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) إلى منتصف شباط (فبراير) ، حين تتساقط الأمطار بين الفينة والفينة ويظهر العشب هنا وهناك ، والصيف الحار الذي يحل فورا محل الشتاء. إن الانتقال من البرد إلى القيظ يكون حادا جدّا في المدينة المنورة حيث الحرارة الصيفية أدنى نوعا ما مما في مكة ، نظرا لوقوعها أبعد إلى الشمال وفي أرض عالية ، ولكن في الشتاء ، كما يقولون ، يكون البرد أحيانا قارصا جدّا.
السكان (خارج المدن)
يتألف سكان الحجاز من مختلف قبائل البدو ، أو كما يسمونهم هناك ، «الأعراب» (العرب الذين يعيشون في المدن يسمونهم «بلدي») وهم ، حسب اسطورتهم ، اخلاف مباشرون لإسماعيل ، ابن إبراهيم. وبين البدو يوجد أيضا كثيرون من الزنوج والأحباش الذين صاروا بينهم بوصفهم عبيدا. وهؤلاء يشكلون طبقة دنيا خاصة ولا يختلطون مع السكان الأصليين.